للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا جائز بتكليف الله وأمره، وأبى إبليس السجود لآدم، لاغتراره بأصله وعنصره وهو خلقه من نار، وآدم من تراب، وسبب عصيان إبليس أنه كان من عنصر الجن، فلم يعمل مثلما عملوا، وقوله سبحانه: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ دليل على أن للشيطان ذرية من صلبه.

وخرج الشيطان عن طاعة الله، وصار فاسقا، لذا استحق التعنيف على عصيانه، وكان أثر هذا هو التعجب البالغ ممن يطيع إبليس وجنده في الكفر والمعاصي، وتحذير الناس من اتباع وساوس إبليس، وتوبيخ من اتبعه وأطاعه، متخذا له ولجنده أنصارا من دون الله، وبدلاء عنه.

بئس البدل للكافرين الظالمين أنفسهم، وهو اتخاذ إبليس وذريته أولياء وأنصارا من دون الله. وقوله تعالى: فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ معناه: خرج عن أمر ربه إياه، أي فارقه.

ثم سلب الله تعالى بصفة نهائية الولاية والنصرة عمن دونه من الشركاء والأبالسة، فقال: ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ.. أي ما أشهدت الذين اتخذوا الشياطين والشركاء أولياء خلق السماوات والأرض، ولا أشهدت بعضهم خلق بعض، فهم عبيد كبقية عبيد الله، لا يملكون شيئا، ولم يكونوا موجودين عند خلق السماوات والأرض، ولم يتخذ الله الضالين المضلين أعوانا وأنصارا، فلا يصح لأحد اتخاذهم نصراء، وفي ذلك كله تحقير لأهل الشرك والشركاء المزعومين.

ثم أخبر الله تعالى عما يخاطب به المشركين يوم القيامة، تقريعا لهم وتوبيخا، فقال: وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ..، أي يقول الله للكافرين على سبيل التأنيب أمام الخلائق والوعيد: نادوا لنصرتكم من زعمتم أنهم شركائي، لينقذوكم مما أنتم فيه، فدعوهم، فلم يجيبوهم بشيء، ولم ينفعوهم في شيء، وجعلنا

<<  <  ج: ص:  >  >>