للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الأتباع للقادة: إنكم تأتوننا من جهة القوة والشدة، أي إنكم كنتم تغووننا بقوة منكم، وتحملوننا على طريق الضلالة بمتابعة منكم في شدة، أو كنتم تأتوننا من الجهة التي يحسّنها تمويهكم وإغواؤكم، ويظهر فيها أنها جهة الرشد والصواب، فأجاب الرؤساء بجوابين: الأول: بل إنكم أنتم أعرضتم عن الإيمان، مع تمكنكم منه، مختارين الكفر. والثاني: لم يكن لنا عليكم من حجة وتسليط نسلبكم به اختياركم وتمكنكم، بل كان فيكم طغيان وتجاوز الحد في الكفر، واختياركم طريق الضلال كان منكم.

فوجب علينا وعليكم حكم ربنا، ولزمنا قول ربنا وتعيّن العذاب لنا، وهو قوله تعالى: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥) [ص: ٣٨/ ٨٥] . فنحن جميعا ذائقو العذاب حتما في الآخرة. والذوق هنا: مستعار.

إننا أضللناكم، ودعوناكم إلى ما نحن فيه من الضلالة، فاستجبتم لنا.

ثم أخبر الله تعالى: أنهم، أي التابعين والمتبوعين والقادة مشتركون جميعا في العذاب، وحصلوا فيه، كما اشتركوا في الضلال والكفر، والجميع في نار جهنم، كل بحسبه، وبمثل ذلك الجزاء نفعل بالمشركين، ويجازى كل عامل بما قدم.

هؤلاء الذين أجرموا، وجهلوا الله سبحانه، وعظّموا أصناما وأوثانا، إذا دعوا إلى كلمة التوحيد: وهي لا إله إلا الله، استكبروا عن القبول، وأعرضوا عن قولها، كما يقولها المؤمنون.

ويقولون: أنحن نترك عبادة آلهتنا وآلهة آبائنا لقول شاعر مجنون، قاصدين بذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم، فهم بهذا أنكروا أولا وحدانية الله، ثم أنكروا الرسالة النبوية، وهؤلاء هم جماعة من قريش.

فرد الله عليهم تكذيبا: بل إن النبي جاء بالحق في جميع ما شرعه الله له، وأول

<<  <  ج: ص:  >  >>