للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فألقوا السلاح وبكوا، وتعانقوا، وانصرفوا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سامعين مطيعين، فأنزل الله في شاس بن قيس وما صنع هذه الآيات.

إن هذه الإثارة وتأجيج الفتنة وبذر بذور التفرقة بين المسلمين من قبل غيرهم تعطينا دليلا واضحا وعبرة وعظة وهو أن معطيات العقل والتجربة والمصلحة أسباب تقتضي الحذر من الأعداء، والتنبه للمخاطر وألوان المكر والمؤامرات، فإن سوء الظن قد يكون أحيانا عصمة من الوقوع في الشرور، وحسن الظن ورطة، والغفلة عن مكائد الأعداء نوع من البله والسذاجة، فهل نعتبر ونتعظ من حادث واحد، فضلا عن تكرار العبر والدروس في تعاملنا مع الآخرين؟

[الاعتصام بالقرآن والسنة]

ليس هناك في السياسة العامة أسوأ من تفرق الأمة وتمزق صفوفها وانقسامها فرقا وأحزابا، لذا حرص الإسلام إبان عهده الأول على وحدة الصف، واجتماع الكلمة، وتحقيق الألفة، وإشاعة المحبة، والسبيل التي وحّد الله بها الأمة هو اتحاد دستورها، واعتصامها بكتاب الله وسنة نبيه، قال الله تعالى:

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٠٢ الى ١٠٣]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣)

«١» «٢» [آل عمران: ٣/ ١٠٢- ١٠٣] .

قال ابن عباس مبينا سبب النزول: كان بين الأوس والخزرج شر في الجاهلية،


(١) تمسكوا بدينه.
(٢) طرف حفرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>