للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيف يجوز البخل، والله مالك السماوات والأرض هو الرزاق، والمطلع على أعمال العباد، لا تخفى عليه خافية،

لذا أمر الله بالإنفاق في قوله تعالى: وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ [الحديد: ٥٧/ ٧] ، وقوله: وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ [البقرة: ٢/ ٣] .

وقد وبخ الله اليهود حين قالوا: إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ

قال ابن عباس: أتت اليهود رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين أنزل الله: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ [البقرة: ٢/ ٢٤٥] فقالوا: يا محمد، أفقير ربك؟ يسأل عباده القرض، ونحن أغنياء، فأنزل الله: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ.

ووبخهم أيضا على جرمهم الخطير الشنيع، وهو قتل الأنبياء بغير حق، ويقال لهم يوم القيامة: ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ أي المحرق والمؤلم، وذلك بسبب ارتكابهم الذنوب والفواحش، وليس الله بظالم أحدا من عباده، فيؤاخذه بلا ذنب.

هؤلاء اليهود الذين حاولوا أيضا قتل النبي صلّى الله عليه وسلّم بدس السم في طعامه يوم خيبر، وهم المانعون للزكاة القائلون كذبا: إن الله عهد إلينا ألا نؤمن برسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار، ويفترون على الله الكذب بزعمهم أن الله أوحى إليهم ذلك في التوراة. فرد الله عليهم بأن هذه معجزة، وقد سبق أن أرسلت لكم الأنبياء الكثر ومعهم المعجزات، وأتوكم بالأدلة الواضحة الدالة على صدقهم، فلم كذبتموهم، ولم تصدقوهم، ولم قتلتموهم إن كنتم صادقين؟

فإن كذبوك أيها النبي محمد بعد هذا كله، فقد كذبت رسل كثيرون قبلك، جاؤوا بالمعجزات والكتب الإلهية مثل التوراة ذات الهدى والنور، والإنجيل الكتاب المنير، ومع ذلك لم يؤمنوا حق الإيمان.

أجل! إن أداء الزكاة المفروضة، والإنفاق بالصدقات المطلقة سبيل واضح من

<<  <  ج: ص:  >  >>