للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حوّله الله إلى المدينة، أي بعد الهجرة، أمره بالقتال، فكفّوا، فأنزل الله: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ.. الآيات.

ومعنى الآيات: ألم تنظر إلى أولئك الذين قيل لهم في مكة في ابتداء الإسلام:

التزموا السلم والسلام، وامنعوا أنفسكم عن حروب الجاهلية، وأتموا الصلاة كاملة الأركان، بخشوع واطمئنان، وأدوا الزكاة التي توجد التراحم بين الخلق، وتقوي الأمة والجماعة، ولكن حينما فرض عليهم القتال ضد المشركين بعد الهجرة، إذا فريق منهم، وهم المنافقون والضعفاء، يخافون لقاء المشركين كخوفهم من الله أو أشد خوفا، ويفرون من الحرب. ويقولون معترضين: ربنا لم فرضت علينا القتال؟

وهلا أخرت فرضية القتال إلى مدة أخرى، فإن في القتال سفك الدماء، وتيتيم الأولاد، وتأيم أو ترمل النساء.

أجابهم الله بقوله: قل لهم يا محمد: إن التمتع بالحياة الدنيا الذي حرصتم عليه قليل فان زائل، والآخرة نعيم باق دائم، فهي خير وأبقى لمن أطاع الله وامتثل أوامره، واتقاه بترك ما يغضبه، فأنتم محاسبون على أعمالكم: إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، ولا تظلمون أي شيء ولو كان قليلا تافها. واعلموا أيها الناس جميعا أن الموت أمر محتم لا مفر منه، وهو مقيد بأجل معلوم لا يزيد ولا ينقص، وأينما تكونوا في المنزل أو في السوق أو في ساحة القتال أو في قصور عالية مشيدة، يدرككم الموت، فملك الموت لا تحجزه الحواجز، ولا يقبض الروح إلا بأجل معلوم، وكم من محارب نجا، وقاعد عن الحرب متخلف مات سريعا.

ومن أعجب العجب قول جماعة المنافقين للنبي صلّى الله عليه وسلّم: إذا أصابتك حسنة من غنيمة أو خصب أو رزق من ثمار وزروع وأولاد قالوا: هذه الحسنة من عند الله ومن فضله وإحسانه، لا بجهد أحد، وإن أصابتك سيئة من هزيمة أو قحط وجدب، ونقص في

<<  <  ج: ص:  >  >>