للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعاظم وتقدّس عما يصفه هؤلاء الجهلة الضّالّون من الأولاد والأنداد والشركاء لأنه الخالق المدبّر لها، وليس كمثله شيء. والله مبدع السماوات والأرض وخالقهما ومنشئهما على غير مثال سبق، وكيف يكون له ولد، والحال أنه لم تكن له صاحبة، والولد إنما يكون متولّدا بين شيئين متناسبين، والله تعالى لا يناسبه ولا يشابهه شيء من خلقه، لأنه خالق كل شيء، فلا صاحبة له ولا ولد، وهو مبدع الكائنات في السماء والأرض، وهو المتسبب في إيجاد الذّرّية من طريق التّوالد والتّناسل ونفخ الرّوح في الأجنّة في بطون الأمهات.

لقد خلق الله الكون، وأوجد كل شيء من العدم، فليس الله بوالد ولا مولود، كما تزعمون، فما اخترعتم له من الولد، فهو مخلوق له لا مولود منه، فكيف يكون له صاحبة من خلقه تناسبه؟ وهو الذي لا نظير له. والله محيط علمه بكل شيء، وعلمه ذاتي له، لم يعلّمه أحد، ولا يعلم أحد مثل علمه، فلو كان له ولد، لكان هو أعلم به، وأرشد إليه، فتكون نسبة الولد لله كذبا وافتراء بلا دليل عقلي ولا وحي ثابت.

وإذ ثبت أن الله لا ولد له، فذلكم الإله الحق هو الله ربّكم، الذي لا إله إلا هو، والذي خلق كل شيء، ولا ولد له ولا صاحبة، فما عليكم إلا أن تعبدوه وحده لا شريك له، وتقرّوا له بالوحدانية، وأنه لا إله إلا هو، وهو الوكيل على كل شيء، الحافظ المتصرّف في الأشياء، المدبّر لها، فلا يصح أن تعبدوا غير الله، وعليكم أن تعبدوا الله المتّصف بصفات العظمة والقدرة والإرادة، والتّصرف المطلق في الأشياء، والمستقلّ بإبداع الأشياء وإيجادها.

ثم إن الله سبحانه غير محصور في مكان، ولا محدد في موضع معين، لا تستطيع الأبصار إدراكه والإحاطة الكلية به، ولا يتمكّن أحد من رؤيته في الدنيا، وإنما هو

<<  <  ج: ص:  >  >>