للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الأمم يوم القيامة، ويكون الرسول عليهم شهيدا،

روي أن الأمم يوم القيامة يجحدون تبليغ الأنبياء عليهم السلام لهم برسالة الله والتوحيد، فيطالب الله الأنبياء بالبيّنة على أنهم قد بلّغوا- والله أعلم بكل شيء- فيؤتى بأمة محمد العدول، فيشهدون، وتقول الأنبياء: أمة محمد تشهد لنا، فتقول الأمم لهم: من أين عرفتم ذلك؟ فيقولون: عرفنا ذلك بإخبار الله تعالى في كتابه الناطق، على لسان نبيّه الصادق، فيؤتى عند ذلك بالنّبي صلّى الله عليه وسلم، ويسأل عن حال أمته، فيزكّيهم، ويشهد لهم، وذلك قوله تعالى:

فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (٤١) [النّساء:

٤/ ٤١] .

ويقول الله للأمة الإسلامية العادلة: كيف شهدتم على ما لم تحضروا؟ فيقولون:

أي ربّنا جاءنا رسولك، ونزل إلينا كتابك، فنحن نشهد بأنك عهدت إلينا، وأعلمتنا به، فيقول الله تعالى: صدقتم.

وهذا معنى قوله تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً «١» لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [البقرة: ٢/ ١٤٣] .

وردت هذه الآية بين آيتين تدلان على مقدمات تحويل القبلة، لأن صلاة المسلمين أولا إلى بيت المقدس ثم تحويلهم إلى الكعبة المشرفة، دليل على هذا التوسط والجمع بين أحكام الدين قديمه وجديدة، والربط بين مشاعر المؤمنين الأولين والمتأخرين، فالدين واحد لله تعالى، والجهات كلها ملكه، فلا اختصاص لناحية دون أخرى، ولا مزية لها، وإنما الأمر بيده يختار ما يشاء، فأينما تولوا فثم وجه الله، قال الله


(١) خيارا، أو متوسطين معتدلين.

<<  <  ج: ص:  >  >>