للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعنى: إن تلك الأصنام التي تعبدونها أيها المشركون وتسمونها آلهة من دون الله، وتدعونها لدفع الضر أو جلب النفع هم عباد متعبدون، أي متملكون، يشبهون عبّادهم في كونهم مخلوقات مملوكين لله أمثالهم، وهم خاضعون لإرادته وقدرته، بل الناس العابدون أكمل منهم لأنهم يسمعون ويبصرون ويبطشون، وتلك المعبودات لا تفعل شيئا، فكيف يصح عقلا تقديسها وعبادتها من مخلوق مثلها، بل أسمى وأكمل منها، وليجربوها، فإن دعوها أو طلبوا منها شيئا، لا تستطيع الإجابة، إن كانوا صادقين في تأليهها، واستحقاقها العبادة، والتماس النفع أو الضر منها.

إن أبسط التجارب تدر على رفض مطلق لعبادة الأصنام، مما يوجب البحث عن المعبود الصحيح، ولا معبود يستحق العبادة سوى الله الرب الخالق الذي خضعت له جميع الكائنات، ودانت له الموجودات.

ألهذه الأصنام أرجل يمشون بها، أم أيد يبطشون بها، أم أعين يبصرون بها، أم آذان يسمعون بها؟ والغرض من ذلك: ألهم حواس الحي وأوصافه؟! إنهم حجارة صماء أو طين وماء أو عجوة وحلاوة كصنم بني حنيفة. ومزيدا في التحدي والاختبار العملي قل: يا محمد الرسول لهؤلاء الوثنيين: نادوا شركاءكم وآلهتكم من دون الله، واستنصروا بها علي، وتعاونوا معها على كيدي وإضراري دون تأخير ولا إمهال، أنتم وشركاؤكم، فلا أبالي بكم.

ووصفت الأصنام بأنها عباد، وأشير إليها بضمير العقلاء في قوله: فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ وقوله: إِنَّ الَّذِينَ ولم يقل: التي، مع أنها جمادات غير عاقلة، إنزالا لها منزلة العقلاء بحسب اعتقاد المشركين.

ثم أعلن النبي صلّى الله عليه وسلّم ثقته الكاملة بالله تعالى وتحقير هذه المعبودات، مع قلة الأعوان والنصراء في مكة، فقال بأمر ربه: إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ أي إن الله حسبي وكافيني، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>