للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصفة الثالثة: حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ أي حريص على هدايتكم وإيصال الخيرات إليكم في الدنيا والآخرة، أو حريص على إيمانكم وهداكم.

الصفة الرابعة والخامسة: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ أي شديد الرأفة والرحمة بالمؤمنين، قال ابن عباس رضي الله عنهما: سماه الله تعالى باسمين من أسمائه.

والرؤوف: المبالغ في الشفقة، والرأفة أرق وأخص من الرحمة.

فإن أعرضوا يا محمد بعد هذه الحال المتقررة التي منّ الله تعالى عليهم بها، فقل:

حَسْبِيَ اللَّهُ أي اللهم كاف في النصر على الأعداء. وأنا مفوض أمري إلى الله، ومتوكل عليه، وجادّ في قتال الأعداء والله هو رب العرش العظيم، ومالك المخلوقات كلها في السماوات والأرض وما بينهما، وخص العرش بالذكر، لأنه أعظم المخلوقات، فيدخل فيه ما دونه إذا ذكر، إذ عليه تدبير أمور الخلق، كما قال الله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ [يونس: ١٠/ ٣] . روى أبو داود عن أبي الدرداء قال: «من قال إذا أصبح وإذا أمسى: حسبي الله، لا إله إلا هو عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم، سبع مرات، كفاه الله ما أهمه، صادقا كان بها أو كاذبا» .

قال الطبري في كتابه: كان عمر لا يثبت آية في المصحف إلا أن يشهد عليها رجلان، فلما جاء خزيمة بن ثابت بهاتين الآيتين قال: «والله لا أسأل عليهما بينة أبدا، فإنه هكذا كان صلّى الله عليه وسلم» .

والمراد صفة النبي صلّى الله عليه وسلّم التي تضمنتها الآية. ومن المعلوم أن خزيمة بن ثابت هو المعروف بذي الشهادتين، وعرف بذلك لأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمضى شهادته وحده في ابتياع فرس، وحكم بها لنفسه صلّى الله عليه وسلم. وهذه خصوصية لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم خص بها خزيمة. وذكر النقاش عن أبي بن كعب أنه قال: أقرب القرآن عهدا بالله تعالى هاتان الآيتان: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ إلى آخر السورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>