للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رأي أبي حيان في دخول الباء على المتروك]

قال أبو حيان في شرح التسهيل: "هذه المسألة غلط فيها كثير من المصنفين في العلوم، ومن الشعراء، فيدخلون الباء على مالا يصح دخولها عليه في لسان العرب، وينصبون ما تدخل عليه في لسان العرب، ففي المنهاج لأبي زكريا النووي: "ولو أبدل ضادا بظاء لم يصحّ في الأصحّ"١. يعني في قوله: {وَلا الضَّالِّينَ} ٢ ولو جرى كلامه على اللسان العربي لقال: "ولو أبدل ظاء بضاد" أي جعل بدل الضاد ظاء، فالمنصوب هو الذي يصير عوضا، وما دخلت عليه الباء هو الذي يكون معوَّضاً منه.

وهذا جار في هذه المادة من أَبْدَل وبدَّل وتبدَّل، المنصوب هو المعوّض الحاصل، وما دخلت عليه الباء هو المعوّض منه الذاهب. فإذا قلت: أبدلتُ ديناراً بدرهمٍ، فمعناه


١مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للشيخ الشربيني ١/١٥٨ على متن المنهاج للنووي.
قال الشيخ الشربيني في مغني المحتاج: فإن قيل كان الصواب أن يقول: ولو أبدل ظاء بضاد، إذ الباء مع الإبدال تدخل على المتروك لا على المأتي به كما قال تعالى: {ومن يَتبدل الكفر بالإيمان} قال تعالى: {وبدّلناهم بجنتيهم جنتين} أجيب بأن الباء في التبديل والإبدال إذا اقتصر فيهما على المتقابلين، ودخلت على أحدهما إنما تدخل على المأخوذ لا على المتروك. فقد نقل الأزهري عن ثعلب: بدلت الخاتم بالحلقة، إذا أذبته وسويته حلقة، وبدلت الحلقة بالخاتم، إذا أذبتها وجعلتها خاتماً. وأبدلت الخاتم بالحلقة إذا نحيت هذا وجعلت هذه مكانه. قال السبكي بعد نقله بعض ذلك عن الواحدي عن ثعلب عن الفراء: ورأيت في شعر الطفيل بن عمرو الدوسي لما أسلم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم:
فألهمني هُدايَ الله عنه
وبدَّلَ طالعي نحسي بسعدي
ومنشأ الاعتراض توهم أن الإبدال المساوي للتبديل كالاستْبدال والتبدّل، فإن ذنيك تدخل الباء فيهما على المتروك. قال شيخنا: وبذلك علم فساد ما اعترض به على الفقهاء من أن ذلك لا يجوز.
٢ سورة الفاتحة: من الآية ٧.