للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رجع السيوطي إلى حديث سؤال القبر]

قوله (فذكر لنا أنه يُفسحُ له في قبره سبعون ذراعاً) i

قلت: كذا في الرواية "سبعون" بالواو، على أنه النائب عن الفاعل. قال الشيخ بهاء الدين ii في التعليقة: "إذا اجتمع فضلات وليس فيها مفعول مُسَرَّح iii، اختلف النحاة فيها، فمنهم من قال: يجوز إقامة أيها شئت على السواء، ومنهم من قال برجحان بعضها. ثم اختلفوا؛ فقال المغاربة وبعض المشارقة المصدر المختص أرجح، وعللوه بأن الفعل وصل إليه بنفسه، ولا كذلك المفعول المقيد". وقال ابن معط iv: "المفعول المقيد أولى ثم بعده المصدر. ثم لم يتعرضوا لما بعد ذلك. والذي ظهر لي أن الأولى إقامة المفعول المقيد، ثم ظرف المكان، ثم ظرف الزمان، ثم المصدر المختص. وذلك المفعول المقيد لا يحتاج إلى مجاز في كونه مفعولا به، وغيره يحتاج إلى التوسّع فيه بجعله مفعولا، فكان المفعول المقيد أولى من غيره لذلك". انتهى.

وقال الطيبي: "الأصل يفسح له قبره مقدار سبعين ذراعاً، فجعل القبر ظرفاً للسبعين، وأسند الفعل إلى سبعين مبالغة"v.

قوله (فيقال له: لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْت) vi.

قال أبو البقاء: "لا درَيت " بفتح الراء لا غير، من دَرى يدري، مثل رمى يرمي"vii. انتهى.

وقال الخطابي: "قوله "ولا تليت" هكذا يرويه المحدثون، وهو غلط، والصواب "ولا ائتَلَيْت" على وزن افتعلت، من قولك ما ألوت هذا الأمر، أي ما استطعته"viii.


i الرواية في صحيح مسلم بشرح النووي ١٧/٢٠٣.
ii محمد بن إبراهيم بهاء الدين بن النحاس الحلبي النحوي، شيخ الديار المصرية في علم اللسان، تخرّج به جماعة من الأئمة والفضلاء، له شرح على المقرّب يسمى التعليقة. مات سنة ٦٩٨ هـ.
iii مسرّح أي غير مقيد بحرف جر، فإذا وجد المفعول به فلا يجوز أن ينوب غيره عن الفاعل، وأجاز الكوفيون إقامة غير المفعول به مع وجوده. وإن لم يوجد المفعول به فقال الجزولي تساوت البقية، واختار أبن عصفور إقامة المصدر وأبو حيان طرف المكان وابن معط المجرور. انظر: التصريح على التوضيح ١/ ٢٩١.
iv يحيى بن عبد المعطي بن عبد النور الزواوي، عالم بالعربية والأدب، أقام في القاهرة ودرس بها، من مصنفاته الدرة الألفية في علم العربية، الفصول الخمسون. توفى سنة ٦٢٨ هـ.
v شرح مشكاة المصابيح. مخطوط ج١ ورقة ١٢٩.
vi لنظر في "لا دريت ولا تليت" الفاخر ٣٨، الزاهر ١/٢٦٨.
vii إعراب الحديث النبوي، الحديث رقم ٨٣.
viii غريب الحديث للخطابي ٣/٢٦٣.