للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرى الحاجاتِ عنْدَ أبي خُبيْبٍ

نكِدْن ولا أميَّة في البلاد١

وكقول آخر:

لا هَيْثَمَ الليلةَ للمطيِّ ٢

ومنصوباً بها إن كان مضافاً، كقولهم: قضيةٌ ولا أبا حسن لها٣. ولابدَّ من نزع الألف واللام مما هما فيه، ولذلك قالوا: ولا أبا حسنٍ، ولم يقولوا: ولا أبا الحسن. فلو كان المضاف مضافاً إلى ما يلازمه الألف واللام [كعبد الله] ٤ لم يجز فيه هذا الاستعمال٥.

وللنحويين في تأويل العلم المستعمل هذا الاستعمال قولان: أحدهما أنه على تقدير إضافة "مِثْل" إلى العلم، ثم حُذف "مِثْل" فخلفه المضافُ إليه في الإعراب والتنكير. والثاني أنه على تقدير: لا واحد من مسمّيات هذا الاسم. وكلا القولين غير مرضي، أما الأول فيدل على فساده أمران: أحدهما التزام العرب تجرد المستعمل ذلك الاستعمال من الألف واللام، ولو كانت إضافة "مثل" منوية لم يحتج إلى ذلك. الثاني: إخبار العرب عن المستعمل ذلك الاستعمال بمثل، كقول الشاعر:

تُبكّي على زيْدٍ ولا زيْدَ مِثْلهُ

برئ من الحُمَّى سليمُ الجوانح٦

فلو كانت إضافة "مثل" منوية لكان التقدير: ولا مثل زيد مثله. وذلك فاسد.

وأما القول الثاني فضعفه بينِّ لأنه يستلزم أن لا يستعمل هذا الاستعمال إلاّ علم مشترك فيه كزيد، وليس ذلك لازماً، كقولهم: لا بَصْرَةَ لكم، ولا قُريْشَ بعد اليوم، وكقول


١ لفضالة بن شريك الأسدي، وقيل لابن الزبير الأسدي من أبيات يهجو بها عبد الله بن الزبير. وأبو خُبيب كنية عبد الله بن الزبير، وكان بخيلا. انظر: سيبويه ٢/٢٩٧, شرح أبيات سيبويه لابن السيرافي ١/ ٥٦٩، الأصول لابن السراج ١/ ٤٦٦، المقتضب للمبرد ٤/ ٣٦٢، همع الهوامع ٢/ ١٩٥، شرح الأشموني ٢/ ٤.
٢ شطر رجز لم يعرف قائله، وهو من شواهد سيبويه ٢/ ٢٩٦، والمقتضب ٤/ ٣٦٢، والأصول لابن السراج ١/ ٤٦٥ وهمع الهوامع ٢/ ١٩٥ والأشموني ٢/ ٤ وخزانة الأدب ٢/ ٥٧.
٣ انظر سيبويه ٢٩٧/٢. وقال الأشمونى ٢/ ٤: هو نثر من كلام عمر في حقّ علي رضي الله عنهما كما في شرح الجامع، لشطر بيت، ولهذا لم يذكره العيني في شواهده، وصار مثلا يضرب عند الأمر العسير ...
٤ أثبتها من شرح الكافية الشافية.
٥ قال البغدادي لا الخزانة ٤/٥٨: رأيت في (تذكرة أبي حيان) ما نصّه: قال الفرّاء: من قال قضية ولا أبا حسن لها لا يقول ولا أبا الحسن، بالألف واللام، لأنها تمحض التعريف في ذا المعنى وتبطل مذهب التنكير. وقال: إنما أجزنا "لا عبدَ الله لك" بالنصب لأنه حرف مستعمل، يقال لكل أحد عبد الله، ولا نجيز لا عبدَ الرحمن ولا عبدَ الرحيم، لأن الاستعمال لم يلزم هذين كلزومه الأول وكان الكسائى يقيس عبد الرحمن وعبد العزيز على عبد الله، وما لذلك صحة. أهـ.
٦ قائله مجهول، انظر: همع الهوامع ٢/١٩٦، حاشية يس على التصريح ١/٢٣٦.