للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو البقاء١: "الرفع في (يشكر) في الموضعين لا يجوز غيره لأنّه خبر وليس بنهي ولا شرط. و (مَنْ) بمعنى الذي". انتهى.

وقال ابن الأثير في النهاية٢: "معناه إنّ الله لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس ويكفر معروفهم، لاتصال أحد الأمرين بالأخر. وقيل معناه إنّ مَنْ كان مِنْ طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لهم كان من عادته وطبعه كفر نعمة الله وترك الشكر له. وقيل معناه إنّ من لا يشكر الناس كمن لا يشكر الله وإن شكره. كما تقول: لا يحبّني من لا يحبّك. أي إنّ محبّتك مقرونة بمحبتي، فمن أحبني يحبك، ومن لم يحبّك فكأنه لم يحبّني. وهذه الأقوال مبنيّة على الرفع في اسم الله تعالى ونصبه". انتهى.

وقال الحافظ أبو الفضل العراقي٣ في أماليه: "المعروف المشهور في الرواية النصب في اسم الله تعالى، وفي الناس، ويشهد لذلك حديث النّعمان بن بشير " ومَنْ لَمْ يَشْكُرْ لِلناسِ لَمْ يَشْكُر الله" ٤، رواه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند. وذكر القاضي أبو بكر بن العربي٥ أنّه روى برفعهما ونصبهما، ورفع أحدهما ونصب الآخر، فهذه أربعة أوجه". انتهى.

٤٥- حديث "كانَ بَيْني وبَين رَجُلٍ خُصومةٌ في شيء فاخْتَصَمْنا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: شاهِداك أو يَمينه".

قال القاضي عياض: "كذا الرواية، وارتفع (شاهداك) بفعل مضمر"، قال سيبويه٦:


١ إعراب الحديث للعكبرى رقم ٢٦.
٢ النهاية في غريب الحديث ٢/٤٩٣.
٣ أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين زين الدين العراقي ولد سنة ٧٢٥ هـ قدم القاهرة وهو صغير، كان حافظ العصر. من مؤلفاته: التقييد والإيضاح على مقدمة ابن الصلاح، الألفية في الحديث، تخريج أحاديث الأحياء، تكملة شرح الترمذي. مات سنة ٨٠٦ هـ.
انظر: طبقات الحفاظ للسيوطي ٥٣٩، ذيل تذكرة الحفاظ ص٢٢٠-٢٣٩.
٤ الحديث في الترمذي ٣/٢٤٨ برقم ٢٠٢١.
٥ العلامة الحافظ القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد المعافرى الإشبيلى المالكي، ولد سنة ٤٦٨ هـ وتوفى بفاس سنة ٥٤٣ هـ. من مصنفاته: العواصم من القواصم، أحكام القرآن، عارضة الأحوذي في شرح الترمذي.
انظر: تذكرة الحفاظ ٤/ ١٤٧٠. الأعلام للزركلي ٦/٢٣٠.
٤٥- مسند أحمد ٥/ ٢١١. البخاري: كتاب الرهن ٥/١٤٥، كتاب الشهادات ٥/٢٨٠. مسلم ٢/١٥٨.
٦ في سيبويه بتحقيق هارون ١/١٤١: شاهداك أي ما ثبت لك شاهداك. وفي طبعة بولاق ١/٧١: أي شاهداك ما يثبت لك، أو ما يثبت لك شاهداك.