للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأوصى مدعى الرسالة بطرس بمثل هذه الوصية، وأوصاها آباء الكنيسة، لأن الرق كفارة من ذنوب البشر يؤديها العبيد لما استحقوا من غضب السيد الأعظم ١.

ونص في الإنجيل على أن الناس كلهم إخوان، ولكنه لم ينص على منع الاسترقاق، لذلك أقرته جميع الكنائس على اختلاف أنواعها ولم ترفيه أقل حرج.

ولم ير من جاء من باباوات النصارى ولا قديسيهم حرجا من إقرار الرق حتى قال باسيليوس، في كتابه القواعد الأدبية، بعد أن أورد ما جاء في رسالة بولس إلى أهل افسس: " هذا يدل على أن العبد تجب عليه طاعة مواليه تعظيما لله عز وجل" إن الطبيعة (هكذا قول بولس) قضت على بعض الناس بأن يكونوا أرقاء، واستشهد على نظريته (كما يرى هو أي بولس) بالشريعة الطبيعية والشريعتين الوضعية والإلهية.

وقال القسيس المشهور بوسويت الفرنسي: "إن من حق المحارب المنتصر قتل المقهور فإن استعبده واسترقه فذلك مِنهُ مِنّةٌ وفضل ورحمة".

وقد بقى الاسترقاق معتبرا من الأمور المشروعة لدى المسيحيين؛ فقد جاء في دائرة معارف لاروس أن رجال الدين الرسميين يقرون صحة الاسترقاق ويسلمون بشرعيته ٢.

وإذا كانت الأديان التي سبقت الإسلام، قد أباحت الرق، فإن جميع الأمم المعروفة لنا في القديم قد أباحته كذلك.

ففي الهند قسمت الشرائع البرهمية القديمة الأشخاص الملزمين بالخدمة إلى قسمين وهما الخادمون والأرقاء، فالأعمال الطاهرة من خصائص الخادمين، والأعمال النجسة على عواتق الأرقاء ٣.

وكانت الشريعة الهندية تقضى على أن الرقيق لم يُخلَق إلا لخدمة البرهمي- وهم الطبقة المقدسة عندهم- فكانوا يتخذون الرقيق من إحدى طبقات المجتمع التي تعتبر صفة العبودية لازمة لها حتى لو تخل السيد عن عبده فإنه يبقى رقيقا لا يصلح أن يتمتع بحريته كغيره من الناس، وكانت القوانين عندهم تقضى بقتل العبد لأقل هفوة يرتكبها، أما التنكيل به والانتقام منه بسائر الوسائل الوحشية فحدث ولا حرج ٤


١ حقائق الإسلام وأباطيل خصومه ص٢٠٩.
٢ دائرة معارف القرن العشرين لمحمد فريد وجدي جـ٤ ص٢٧٨ مادة رقق.
٣ الرق في الإسلام لأحمد شفيق ص١١.
٤ دائرة معارف القرن العشرين جـ٤ ص٢٧٥ مادة رقق.

<<  <  ج: ص:  >  >>