للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القسم الأول: نزول القرآن]

[نزول القرآن]

...

القسم الأول:

[نزول القرآن]

٦- من وقت أن منَّ الله تعالى على الإنسانية بالبعث المحمدي ابتدأ نزول القرآن، فأول آية نزلت كانت الخطاب من الله تعالى بالتكليف الذي كلفه تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- بحمل الرسالة إلى خلقه، فقد نزلت أول آية وهي: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: ١-٥] ، فكان هذا إيذانًا بأن دين العلم قد وجب تبليغه، وأن كتاب العلم قد ثبت تنزيله، وأن إعلاء شان الفكر قد جاء به خاتم النبيين وسيد المرسلين، وفيه إيماء إلى أن الإسلام والعلم يجتمعان، ولا يتناقضان أبدًا.

توالي نزول القرآن منجَّمًا في مدة الرسالة المحمدية التي استمرَّت ثلاثًا وعشرين سنة يدعو فيها بالحق، وإلى صراط مستقيم، ينير السبيل، ويهدي للتي هي أقوم.

فكانت الآيات القرآنية تنزل وقتًا بعد آخر، وكان التحدي بما نزل وإن لم يكن ما نزل كل القرآن؛ لأن كل جزء منه ينطبق عليه اسم الكتاب، بل القرآن؛ إذ إنَّ التحدي يقع به، والمعجزة تتحقق فيه، فقد تحدى أهل مكة أن يأتوا بمثله، ولم يكن قد نزل كله، فقد قال تعالى في سورة يونس، وهي مكية: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ، فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ} [يونس: ١٦، ١٧] ، وجاء التحدي في هذه السورة أيضًا فقال تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [يونس: ٣٧، ٣٨] ، وجاء في سورة هود وهي مكية: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا ِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [هود: ١٣] .

ومن هذا كله يتبين أن بعض القرآن قرآن يتحدى فيه، فهو الكتاب الكامل في كله، والكامل في جزئه، وهو معجز في أجزائه، كما هو معجز في ذاته، وإن شئت فقل إنه معجزات متضافرة، وإذا كان لموسى تسع آيات بينات فلمحمد مئات من المعجزات البينات.

<<  <   >  >>