للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الإيجاز والإطناب في القرآن]

١٢٨- إن القسمة العقلية للكلام كثرة وقلة بالنسبة لمعناه تحصره في أربعة أقسام:

أولها: الإيجاز بأن تكون الألفاظ قليلة والمعاني كثيرة.

وثانيها: التقصير بأن تكون الألفاظ غير كافية للدلالة على المعاني.

ورابعها: التطويل، وهو أن تكون الألفاظ كثيرة وفيها ما لا حاجة إليه. وهذه الأقسام الأربعة من الناحية البلاغية متقابلة، فالإيجاز والتقصير متقابلان، وأولهما باب من أبواب البلاغة، وثانيهما عيّ في القول، ونقص في البيان، والإطناب والتطويل متقابلان، وأولهما بلاغة وحسن أداء، وثانيهما عيّ وعيب في البيان، يدفع إلى الملل والسآمة، حتى يتبرم به السامع.

وقد ذكر الرماني هذه الأقسام المتقابلة، كل ما يقابله، فقال: "والإيجاز بلاغة والتقصير عيّ، كما أنَّ الإطناب بلاغة والتطويل عي، والإيجاز لا إخلال فيه بالمعنى المدلول عليه، وليس كذلك التقصير، لأنه لابد فيه من الإخلال، فأما الإطناب فإنما يكون في تفصيل المعنى، وما يتعلق به في المواضع التي يحسن فيها ذكر التفصيل، فإنَّ لكل واحد من الإيجاز والإطناب موضعًا، يكون به أولى من الآخر، لأنَّ الحاجة إليه أشد، والاهتمام به أعظم، فأما التطويل فعيب وعيّ؛ لأنه تكلف فيه الكثير فيما يكفي منه القليل، فكان كالسالك طريقًا بعيدًا، جهلًا من بالطريق القريب، وأمَّا الإطناب فليس كذلك؛ لأنه كمن سلك طريقًا بعيدًا لما فيه من النزهة الكثيرة،

<<  <   >  >>