للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[خاتمة]

كان من الطبيعي أن أبدأ الكتاب بالحديث عن بيئة خراسان الجغرافية، لقلة معرفتنا بها، وغموض صورتها عندنا، وحاجتنا إلى دليل يكشف لنا عن مواقع الأحداث وأماكنها. وكان من الطبيعي أن أعرض لوجود العرب بخراسان منذ الفتح إلى نهاية العصر الأموي عرضا تاريخيا، أقف فيه عند فتحهم لها، وولاتهم عليها، وسياستهم الداخلية والحربية بها، وانتقالهم من البصرة والكوفة إليها، واستيطانهم لها، حتى أتبين تاريخ هجراتهم وقبائلهم وأحجامها وتحزبها، وما ثار من خلافات ومصادمات بينها، كان مبعثها غلبة الثقافة الجاهلية على نفوسها، وتسابقها إلى السلطان والحكم، وحتى أتبين طبيعة حياتها المعاشية، وحقيقة تنظيمها السياسي والعسكري، وعلاقاتها بأهل البلاد الأصليين، فجردت الفصل الأول لها.

وقد وصفت بيئة خراسان ومدنها وقراها وأنهارها وطبيعة الحياة فيها. ووقفت عند ولاة خراسان منذ الفتح العربي إلى نهاية العصر الأموي، وأبنت عن عهد كل وال منهم، وعن سياسته الداخلية والخارجية. وذكرت كل ما عثرت عليه من الروايات التي تتعلق بهجرة القبائل العربية إلى خراسان، وقدرت أن مجموع العرب من المقاتلة والعيالات يمكن أن يكون قد بلغ في بداية القرن الثاني نصف مليون نفس. وتحدثت عن أماكن إقامة المهاجرين، وأسباب رزقهم، واستخلصت أن قلة قليلة منهم سكنت بداخل المدن المفتوحة، وأن الكثرة الكاثرة أقامت بمعسكرات على مشارف المدن وفي الثغور. واستنتجت أن العطاء الذي فرضه الولاة للجنود وأزواجهم وبعض

<<  <   >  >>