للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- للغلام عبد الله بن عباس:

ومن الدروس التي كان يلقيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- للأطفال وصيته لابن عمه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- فيما رواه ابن عباس نفسه إذ قال: "كنت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما فقال: "يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف" رواه الترمذي ٦٦٧/ ٤ وزاد أحمد وغيره: "تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا".

هذه الوصية النبوية الشريفة تعد لوحة أدبية فنية غنية الألوان والظلال، زاخرة بالقيم الخلقية والقيم الفنية في أدب الأطفال، تحمل طابعين أدبيين، ووجهين إبداعيين، أحدهما: إبداع المصطفى الأدبي الزاخر بقيم خلقية وقيم فنية في تأديب الأطفال، وثانيهما: نموذج أدبي رفيع المستوى، ومثل أعلى في البلاغة البشرية يسير على نهجه أدب الأطفال سواء من إبداعاتهم أو إبداع الأدباء لهم، لأن هذه الوصية تميزت بقيم كثيرة في أدب الأطفال، ومن أهمها:

١- مجالسة الأطفال للكبار، ليحرصوا على التعلم منهم ويستنيروا بمعارفهم ويقتدون بهم في سلوكهم، فقد لازم ابن عباس خير البشر وسار خلفه تأدبا وتقديرا وتوقيرا لمكانة الأستاذ الأول والمعلم الأكبر -صلى الله عليه وسلم.

٢- تلقى ابن عباس -رضي الله عنهما- الوصية من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليعمل بها هو وأمثاله من الغلمان والشباب، لأن العبرة بعموم اللفظ والوصية لا بخصوص السبب.

٣- تخصيص ابن عباس -رضي الله عنهما- بهذه الوصية من بين الغلمان فيه دلالة على نجابته، ورجاحة عقله، فقد صدقت نبوءة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في خصوصيته، فصار حبر الأمة ورائد التأويل والتفسير لكتاب الله عز وجل، ويتميز برجاحة العقل في الحوار، وقوة الحجة ونصاعة الرأي.

<<  <   >  >>