للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٤- تعبير الرسول -صلى الله عليه وسلم- في افتتاح الوصية بقول: "يا غلام"، وفي رواية "يا غلامي" يوحي بحرارة العطف وعميق الحب والحنان، كما يشير إلى قرب منزلته وشدة حرصه عليه، مما يعين على فتح منافذ الإدراك الكثيرة في النفس من عاطفة ووجدان ومشاعر وخواطر وأحاسيس فيكون أكثر إقبالا على الوصية وأعظم قبولا لها.

٥- يتميز أسلوب الرسول -صلى الله عليه وسلم- هنا بالرقة، وتصويره الأدبي بالقرب والتيسير، حيث يقول: "إني أعلمك كلمات" أي يسيرات معدودات، مما يعين على تحريك الانتباه وتفتح القلب، فيستقر مغزاه في القلب والعقل معا.

٦- بلغ التعبير الأدبي الغاية في تصوير الطاعة لله عز وجل والالتزام بالمحافظة على حدوده مما يستحق عليه الجزاء الأوفى من ربه، فيتحقق المراد ويطمئن القلب في ثقة وإقدام وذلك في قوله: "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك".

٧- أن يغرس في نفوس الأطفال الاعتداد بأنفسهم وعدم التواكل أو الاعتماد على البشر، لأنهم لا يدفعون عن أنفسهم الضرر، ولا يجلبون لأنفسهم النفع، فكيف يكون ذلك لغيرهم، بل يجب الاستعانة بخالق البشر والخلق جميعا، فهو وحده النافع أو الضار، وقد قضى الله عز وجل بذلك منذ الأزل "فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف" وذلك في تصوير أدبي من جوامع الكلم، يتزاحم بالقيم الكثيرة والمعاني الغزيرة من الإيجاز في الأسلوب وقلة الألفاظ، فلا زالت الوصية تثير كثيرا من القيم الخلقية والفنية الخالدة في تأدب الأطفال والسمو بهم.

<<  <   >  >>