للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[شرح ديكنقوز]

الباب الأول: في بيان بناء الصحيح:

بالفعل يحتاج إليها أيضا لامتناع حصول الشيء بدون شرائطه، وما يتوقف عليه فليس مما يعتد به عرفا؛ إذ لا يقال في متعارف اللغة لمن حصل المطلوب إنه يحتاج إلى شرائطه، بل يقال كان محتاج حين لم يكن حاصلا. ثم شرع في تعداد تلك الأبواب فقال: "الصحيح والمضاعف والمهموز والمثال والأجوف والناقص واللفيف" ولا يخفى وجه الضبط على من تصور مفهوماتها وستطلع عليها إن شاء الله تعالى في تضاعيف مباحثها "و" كما أن الصراف يحتاج إلى معرفة الأوزان إلى معرفة سبعة أبواب، كذلك يحتاج فيها إلى معرفة "اشتقاق" أي إخراج "تسعة أشياء من كل مصدر" إما بواسطة أو بدونها وتلك الأشياء التسعة المشتقة منه "وهي الماضي والمستقبل والأمر والنهي واسم الفاعل والمفعول والمكان والزمان والآلة" وإذا كان الصراف يحتاج إلى الأنواع السبعة "فكسرته" أي الكتاب وجعلته مشتملا "على سبعة أبواب" كل باب منها في بيان نوع من تلك الأنواع وكان المناسب لسياق كلامه أن يقول على ثمانية أبواب أحدها في الاشتقاق، لكن لما كان معرفة هيآت المفردات إنما تتم شبهة، وإن كان الحق أنه ليس بجزء منه حقيقة، بل هو علم على حدة ولا شك أن أبواب الصرف سبعة أدرجه في تلك الأبواب، ولم يجعله بابا على حدة وذكره في أول تلك الأبواب إشارة إلى ما ذكرنا "الباب الأول" من تلك الأبواب المكسور عليها الكتاب "في" بيان البناء "الصحيح" ولما كان المقصود الأصلي البحث عن أحوال الأبنية وكانت أبنية الصحيح تستحق التقديم لسلامتها عن التغيرات الكثيرة وكونها مقيسا عليها


[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
وإنما انحصرت الأبواب في السبعة؛ لأن الكلمة لا يخلو من أن يوجد في حروفها الأصلية حرف علة أو ملحق حرف علة أو لا يوجد شيء منهما الثالث "الصحيح" والثاني وهو ما يوجد فيها ملحق حرف علة إن كان كونه ملحقا لها باعتبار التكرر فهو "المضاعف" وإن كان باعتبار الانفراد سواء كان في الفاء أو العين أو اللام فهو "المهموز" وإنما قلنا: إن حرف التضعيف والهمزة ملحق حرف علة لأنهما قد يقلبان حرف علة في مثل تقضي البازي أصله تقضض فقلبت الضاد الثانية ياء، وفي مثل إيمان أصله إءمان بهمزتين قلبت الثانية ياء والأول وهو ما يوجد فيها حرف علة لا يخلو من أن يكون ذلك الحرف واحدا أو أكثر، فإن كان واحد فإن كان في الفاء فهو "المثال"، وإن كان في العين فهو "الأجوف"، وإن كان في اللام فهو "الناقص"، وإن كان أكثر من واحد فهو "اللفيف" المفروق إن كان في الفاء واللام، والمقرون إن كان في العين واللام، ولم يعتبر المصنف بما كان فاؤه وعينه حرف علة نحو ويل ويوم، وما كان فاؤه وعينه ولامه حرف علة مثل واو وياء في اسمي حرفين، كما اعتبرهما الزنجاني وغيره حتى جعلوا أقسام المعتلات سبعة لا خمسة لعدم بناء الفعل، منهما فمقصود المصنف بيان أو زان المشتقات ويؤيده عطف قوله: "واشتقاق تسعة أشياء" على قوله: سبعة أبواب ومعناه إلى معرفة اشتقاق تسعة أشياء "من كل مصدر" فإن قلت: يرد عليه المصادر التي لا يشتق منها شيء كويل وويح قلت: المراد من اشتقاق تسعة أشياء اشتقاقها منه إن وجدت، ويحتمل أن يكون بناء على الغالب وإنما انحصر الاشتقاق في التسعة؛ لأن ما يشتق من المصدر إما أن يكون فعلا أو اسما فإن كان فعلا فلا يخلو من أن يكون إخباريا أو إنشائيا، فإن كان إخباريا فإن لم يتعاقب في أوله الزوائد الأربع وهي حروف أتين فهو "الماضي" وإن تعاقب فهو "المستقبل" وإن كان إنشائيا فإن دل على طلب الفعل فهو "الأمر" وإن دل على ترك الفعل فهو "النهي" وإن كان اسما فإن دل على ذات من قام به الفعل فهو "اسم الفاعل" وإن دل على ذات من وقع عليه الفعل فهو "اسم المفعول" وإن دل على ما وقع فيه الفعل فإن كان مكانه فهو "اسم المكان" وإن كان زمانا فهو "اسم الزمان" وإن دل على ما وقع الفعل بسببه فهو "اسم الآلة" ولم يذكر النفي والجحد لمشابهة النفي صورة والجحد معنى للنهي فإن قلت: الصفة المشبهة وأفعل التفضيل من المشتقات، ولم يذكرهما المصنف قلت: هما داخلان في اسم الفاعل، فإن قلت: التصغير مشتق من المصدر بزيادة الياء مثل نصر ونصير قلت، لا نسلم أنه مشتق منه وزيادة الياء من قبيل الزيادة لإفادة المعنى لا الاشتقاق كما صر حوابه، ويدل عليه عدم اختصاصه بالمشتقات، بل يجري أيضا في الجوامد رجل ورجيل، فإن قلت: هذا الكلام يدل على أن اسم الفاعل والمفعول مشتقات من المصدر وكذا الزمان والمكان والآلة وكذا الأمر والنهي وقد صرح فيما سيأتي أنها مشتقات من المضارع، أجيب بأنها مشتقات من المصدر بالتوسط لأنها مشتقات من الفعل وهو مشتق من المصدر فتكون هي مشتقة من المصدر كما هو مذهب السيرافي، والفاء في قوله "فكسرته" جواب للشرط المحذوف تقديره إذا احتاج الصراف في معرفة الأوزان إلى سبعة أبواب فكسرت هذا الكتاب "على سبعة" بيان "أبواب" مذكورة إجمالا أي طويته مستعار من كسر الطائر جناحيه إذا ضمهما للوقوع وانقض "الباب الأول" من تلك الأبواب السبعة "في" بيان بناء "الصحيح" قدمه على سائر الأبواب إما لسهولة حفظه عند المبتدي والتعليم من الأسهل إلى الأصعب، وإما لكونه مقيسا عليه للمعتلات، وإما لكونه مفهومه عدميا ومفهوم ما سواه وجوديا وكون العدمي قدما على الوجودي لأصالته، وبعضهم قدم المعتلات على الصحيح نظرا إلى أن مفهومه عدمي ومفهومها وجودي والوجودي لشرفه مقدم

<<  <   >  >>