للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[شرح ديكنقوز]

أي قريبا من مقدار إلباثهما "كذا نقل عن جار الله العلامة" وهو محمود الزمخشري صاحب الكشاف لقب به لكثرة مجاورته بيت الله عز وجل رزقنا الله الكريم زيارته، وقريب من هذا قول صاحب المغرب: الإدغام هو رفعك اللسان بالحرفين دفعة واحدة "وقيل الإدغام إسكان" الحرف "الأول" بنقل حركته إن كان متحركا إلى ما قبله إن كان ساكنا، أو سلبها إن كان متحركا أو ساكنا هو حرف لين وعلم منه أنه إذا كان ساكنا أبقي على حاله بالطريق الأولى، وإنما وجب سكون الأول ليتصل بالثاني ويحصل التخفيف المطلوب؛ إذ لو كان متحركا لحالت الحركة بينهما فلم يتصل بالثاني اتصالا يحصل به التخفيف، ولا بد أن يكون الثاني متحركا؛ لأنه مبين للأول والحرف الساكن كالميت لا يبين نفسه فكيف يبين غيره "وإدراجه"؛ أي إدخاله "في الثاني" بحيث يصير الحرف الساكن كالمستهلك لا على حقيقة التداخل، بل على أن يصير حرفا مغايرا لهما بهيئته وهو الحرف المشدد؛ لأن زمانه أطول من زمان الحرف الواحد وأقصر من زمان الحرفين، ولهذه المسامحة أخر هذا التعريف وعبر بقيل؛ لأنه لا يناسب معناه اللغوي؛ لأن معناه في اللغة إدخال الشيء في الشيء والإلباس والرفع المذكوران لا زمان له "المدغم"؛ أي الحرف الذي أدغم "والمدغم فيه"؛ أي الذي وقع الإدغام فيه "حرفان في اللفظ وحرف واحد في الكتابة"؛ أي بنقص حرف في الكتابة إذا كانا في كلمة واحدة كبر وكر ومد وشد على ما هو مذكور في علم الخط وذلك للتخفيف والاستغناء بشيء عن شيء؛ إذ مع الإدغام يرتفع اللسان ارتفاعه واحدة، ونقص حرف من الحروف الملفوظة في الكتابة ثابت في عرفهم "كالرحمن فإن الألف بعد الميم ثابت لفظا في لفظ الرحمن وليس بثابت خطا لكثرة استعماله "واجتماع الحرفين" المتماثلين في الذات في كلمة واحدة "على ثلاثة أضرب" الضرب "الأول" منها "أن يكونا"؛ أي الحرفان المجتمعان "متحركين يجب فيه"؛ أي في الضرب الأول في جميع صور "الإدغام نحو مد إلا في" الصور "الإلحاقيات نحو قردد" فإن الإدغام فيه غير واجب، بل لا يجوز "حتى لا يبطل الإلحاق" فإنه على تقدير الإدغام يخرج عن كونه


[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
الحرف إذا دخل في مثله ونطق معه دفعة كان كأنه نطق بحرف واحد لكنه بإلباث في مخرجه مقدار الباث الحرفين، وإن كان الملفوظ في الحقيقة حرفين، وهذا غاية ما يتكلف في توجيه هذا التعريف "كذا نقل عن جار الله العلامة" محمود الزمخشري "وقيل" الإدغام "إسكان" الحرف "الأول وإدراجه في الثاني" يقال أدرجت الكتاب؛ أي طويته لا يقال إن قوله إسكان الأول غير شامل لنحو مد مصدر، فإن أصله مدد بسكون الأول فلا يمكن إسكانه؛ إذ إسكان الساكن محالا؛ لأنا نقول لما وجب إسكان المتحرك للإدغام علم أن إبقاء الساكن بحاله بطريق الأولى، فمعنى قوله: إسكان الأول إسكانه إن كان متحركا وإبقاؤه إن كان ساكنا، وإنما أسكن الأول ليتصل بالثاني؛ إذ لو حرك لم يتصل به لحلول الفاصل وهو الحركة، وأما الثاني فلا يكون إلا متحركا؛ لأن الساكن كالميت لا يظهر نفسه فكيف يظهر غيره كذا قالوا "المدغم" على صيغة المجهول وهو الحرف الأول، وإنما سمي به لإدغامك إياه "والمدغم فيه" وهو الحرف الثاني وسمي به لإدغامك الأول فيه "حرفان في اللفظ" في كلمة كانا أو في كلمتين هذا ظاهر إذا عرفت الإدغام بالتعريف الثاني، وأما إذا عرف بالتعريف الأول ففيه تأمل "وحرف واحد في الكتابة"؛ إذ كانا في كلمة "نحو مد أو حرفان في اللفظ والكتابة" إذا كانا في كلمتين "كالرحمن" بمعنى كما أن لفظ رحمن خمسة أحرف في اللفظ وأربعة في الكتابة؛ لأن الألف بعد الميم تلفظ ولا تكتب والغرض من هذا التمثيل إزالة استبعاد لمخالفة الحروف الملفوظة للمكتوبة في الكلمة قلة وكثرة، وإنما قلنا: إذا كان في كلمة؛ لأنهما إذا كان في كلمتين كانتا حرفين في الكتابة أيضا، نحو: فما ربحت تجارتهم ونحو: رحمن والليل واللفظ والله واللام، وأما نحو للفظ ولله وللحم فقد اجتمع فيه أمثال أحدها فاء الكلمة وثانيها لام التعريف وثالثها لام الجارة فأدغم لام التعريف في فاء الكلمة وجعلا حرفا واحدا في الكتابة، وإن لم يكونا من كلمة واحدة؛ كراهة اجتماع ثلاث لامات كتابة وتنزيلا للخارج منزلة الداخل بالقياس إلى لام الجارة، قوله: "واجتماع الحرفين" المتجانسين أو المتقاربين "على ثلاثة أضرب" بيان لما أجمله بقوله: إذا اجتمع فيه حرفان من جنس واحد أو مقارب في المخرج يدغم الأول في الثاني الضرب "الأول أن يكونا متحركين" في كلمة "يجب فيه"؛ أي في هذا الضرب الأول "الإدغام" والعلة في وجوبه أنك إذا قلت: مد ونطقت بالحرفين دفعة واحدة كان أخف من قولك: مدد بإظهار الحرفين وهذا مما لا يستراب فيه، ولأن زمان الحركة بحرف المدغم أقل من زمان الحركة بالحرفين المظهرين، وما أقل زمنه أخف مما طال كذا حققه ابن الحاجب، وأما قولهم: ضبب البلد إذا كثر ضبابها وقطط شعره إذا اشتدت جعودته بفك الإدغام فيهما فشاذ جيء به لبيان الأصل "إلا في الإلحاقيات"؛ أي في الكلمة التي زيد في أحد المثلين الإلحاق؛ فإنه لا يجوز الإدغام فيها فعلا كان أو اسما فالفعل نحو: جلبب وشملل الملحقين بدحرج والاسم "نحو: قردد" أصله قرد فزيد للإلحاق بجعفر دال فصار قردد وإنما لم يدغم "حتى لا يبطل الإلحاق" يعني أن الإلحاق صناعة لفظية يلزم فيها المساواة بين الملحق والملحق به حروفا وحركات وسكونا، فلو أدغم الملحق زالت المساواة المذكورة وبطل الالحاق، وإنما قلنا: إنه صناعة لفظية؛ لأن الغرض من الإلحاق أن يعامل الملحق معاملة الملحق به في الجمع والتصغير وغير ذلك من التصاريف اللفظية فيقال مثلا: قرادد وقرديدد، كما يقال: جعافر وجعيفر، ولا شك في أنه حكم لفظي لا تعلق له بالمعنى فلو أدغم فات موازنته للملحق فلا يعامل معاملته فيبطل غرض الإلحاق، قوله:

<<  <   >  >>