للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[كمال الإيمان]

أخرج البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان" زاد مسلم: "فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق".

بلاغة التعبير بالإيمان دون غيره:

أما أسرار روعة التصوير الأدبي والفني في إيثار بلاغة التعبير بالإيمان، دون غيره من مراحل الإسلام فتعود إلى: أن الإيمان هو مرحلة الكمال والصدق والإخلاص في العمل، ابتغاء مرضاة الله عز وجل، لا يشوبها الرياء أو التظاهر أو النفاق في مرحلة الإسلام حينًا، لأن المسلم قد يصلي ويصوم ويزكي في الظاهر، وليس لوجه الله عز وجل بعكس المؤمن، لأن الإيمان يزيد حتى يصل إلى أسمى درجاته وهو الإحسان، وهو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، كما جاء في حديث جبريل، حين سأل عن مراحله مُرتَّبة حسب تمامها وكمالها، فالإسلام أولًا ثم الإيمان ثم الإحسان، مصداقًا لقوله تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} .

وعبر عن الإيمان أيضًا بأداة التعريف "أل"، لبلاغة الدلالة على مكملات الإيمان أي الإيمان الكامل، لأن أداة التعريف تفيد استغراق قيم الإيمان، وتشمل جميع مكملاته كما نقول: الرجل، أي الذي اكتملت صفات رجولته وقيمها، وكمال الإيمان يجمع بين مكملاته من الإقرار والتصديق والعمل والإخلاص؛ لذلك فسره الحديث بأن الإيمان بضع وستون شعبة، وجاءت زيادة مسلم في روايته لتوضح مكملاته أكثر في قوله: "أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق"؛ فقد

<<  <   >  >>