للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ: وفي حرف عبد الله [.....] «١» .

وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا: أي أقاموا ووقفوا متحيّرين.

[القول في معنى الآيتين ونظمهما وحكمهما]

قوله تعالى: أَوْ كَصَيِّبٍ أي كأصحاب صيّب، كقوله: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ «٢» شبههم الله في كفرهم ونفاقهم وحيرتهم وتردّدهم بقوم كانوا في مفازة في ليلة مظلمة فأصابهم مطر فيه ظلمات من صفتها إنّ الساري لا يمكنه المشي من ظلمته، فذلك قوله: إِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا.

ورعد من صفته أن يضع السامع يده الى أذنه من الهول والفرق مخافة الموت والصعق، ذلك قوله تعالى: يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ.

وبرق من صفته أن يقرب من أن يخطف أبصارهم ويذهب بضوئها ونعيمها من كثرته وشدّة توقّده، وذلك قوله يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ.

وهذا مثل ضربه الله تعالى للقرآن واجماع الناس والكافرين معه:

فالمطر: هو القرآن لأنه حياة الجنان كما أن المطر حياة الأبدان.

فِيهِ ظُلُماتٌ وهو ما في القرآن من ذكر الكفر والشرك والشك وبيان الفتن والمحن.

وَرَعْدٌ: وهو ما خوّفوا به من الوعيد وذكر النار والزّواجر والنواهي.

وَبَرْقٌ: وهو ما في القرآن من الشفاء والبيان والهدى والنّور والرعد وذكر الجنة.

فكما أنّ أصحاب الرعد والبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم حذر الموت كذلك المنافقون واليهود والكافرون يسدّون آذانهم عند قراءة القرآن ولا يصغون إليه مخافة ميل القلب الى القرآن فيؤدّي ذلك الى الإيمان لأنّ الإيمان بمحمد صلّى الله عليه وسلّم عندهم كفر والكفر موت.

وقال قتادة: هذا مثل ضربه الله للمنافق لجبنه، لا يسمع صوتا إلّا ظنّ أنه قد أتي ولا يسمع صياحا إلّا ظنّ إنه ميّت أجبن قوم وأخذ له للحق «٣» كما قال في آية أخرى: يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ «٤» .


(١) غير مقروءة في المخطوط.
(٢) سورة يوسف: ٨٢.
(٣) تفسير الدر المنثور: ١/ ٣٣.
(٤) سورة المنافقون: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>