للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة هود (١١) : الآيات ٧٤ الى ٨٣]

فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ (٧٤) إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (٧٥) يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (٧٦) وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧) وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (٧٨)

قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ (٧٩) قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (٨٠) قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (٨١) فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣)

فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ الخوف وَجاءَتْهُ الْبُشْرى بإسحاق ويعقوب يُجادِلُنا في [.......] «١»

لأنّ إبراهيم لا يجادل ربّه إنّما يسأله ويطلب إليه.

وقال عامّة أهل التفسير معناه يجادل رسلنا وذلك أنهم لما قالوا: إنا مهلكوا أهل هذه القرية، قال لهم: أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين أتهلكونهم؟ قالوا لا، فقال إبراهيم:

وأربعون؟

قالوا: لا، قال: أو ثلاثون؟ قالوا: لا، قال: حتى بلغ عشرة، قالوا: لا، فقال: خمسة قالوا: لا، قال: أرأيتم إن كان فيها رجل مسلم أتهلكونه؟ قالوا: لا، فقال إبراهيم عند ذلك:

إِنَّ فِيها لُوطاً، ف قالُوا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ.

قال ابن جريج: وكان في قرى لوط أربعة آلاف ألف، قال قتادة: في هذه الآية لا يرى مؤمن إلّا لوط المؤمن، فقالت الرسل عند ذلك لإبراهيم: يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا أي دع عنك الجدال، وأعرض عن هذا المقال إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ عذاب ربك وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ نازل بهم، يعني قوم لوط عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ غير مدفوع ولا ممنوع.

وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا يعني الملائكة لُوطاً سِيءَ بِهِمْ حزن لمجيئهم، يقال: سؤته فسيء مثل شغلته فانشغل، وسررته فانسر وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً قلبا وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ شديد، ومنه عصبصب، كالعصب به الشر والبلاء أي شدّ ومنه عصابة الرأس، قال عدي بن زيد:

وكنت لزاز خصمك لم أعرد ... وقد سلكوك في يوم عصيب «٢»

وقال آخر:

وانك إلّا ترض بكر بن وائل ... يكن لك يوم بالعراق عصيب «٣»


(١) كلام غير مقروء في المخطوط.
(٢) تاريخ دمشق: ٤٠/ ١١٩.
(٣) تاريخ دمشق: ٦٧/ ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>