للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٢٣ الى ٢٩]

وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢٣) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ (٢٤) وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢٥) قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٧)

فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (٢٨) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ (٢٩)

وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها يعني امرأة العزيز، وطلبت منه أن يواقعها وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وكانت سبعة.

وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ، اختلف القراء فيه، فقرأ ابن عباس والسلمي وأبو وائل وقتادة:

هئت لك بكسر الهاء وضم التاء مهموزا، بمعنى تهيأت لك، وأنكرها أبو عمرو، قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: سمعت أبا عمرو وسئل عن قراءة من قرأ: هئت لك بكسر الهاء وهمز الياء فقال أبو عمرو: باطل، جعلها من تهيأت، اذهب واستعرض العرب حتى تنتهي إلى اليمن، هل تعرف أحدا يقول هذا؟

وقال الكسائي أيضا: لم يحك هئت عن العرب، وقال عكرمة: هئت لك: أي زيّنت لك وحسنت وهي قراءة غير مرضية، وقرأ نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر وعبد الله بن أبي إسحاق:

هيت لك بفتح الهاء وكسر التاء، وقرأ يحيى بن وثاب: هِيتُ بكسر الهاء وضم التاء، وقرأ ابن كثير بفتح الهاء وضم التاء، وأنشد طرفة:

ليس قومي بالأبعدين إذا ... ما قال داع من العشيرة هيت

هم يجيبون إذا هم سراعا ... كالأبابيل لا يغادر بيت «١»

وقرأ أهل المدينة والشام بكسر الهاء وفتح التاء، وقرأ الباقون بفتح الهاء والتاء، وهي لغة النبي صلّى الله عليه وسلّم واللغة المعروفة عند العرب،

الشعبي عن عبد الله بن مسعود: أقرأني النبي صلّى الله عليه وسلّم هيت لك.

وروى الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود أنه قرأ هيت لك، فقيل له: هَيْتَ لَكَ، فقال ابن مسعود: إنما نقرأها كما تعلّمناها وسمعناها جميعا هلمّ وأقبل وادن، قال الشاعر [يخاطب] أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه) :

أبلغ أمير المؤمنين اهل العراق إذا أتيتا ... أن العراق وأهله سلم [إليك] فهيت هيتا «٢»


(١) تفسير الطبري: ١٢/ ٢٣٧، وتفسير التبيان: ٦/ ١١٨.
(٢) تفسير القرطبي: ٩/ ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>