للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرى كلّ قوم قاربوا قيد فحلهم ... ونحن خلعنا قيده فهو سارب «١»

أي ذاهب.

قال ابن عباس: في هذه الآية هو صاحب ريبة مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ، فإذا خرج بالنهار رأى الناس أنه بريء من الإثم.

وقال بعضهم: مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ أي ظاهر، من قولهم: خفيت الشيء إذا أظهرته، وَسارِبٌ بِالنَّهارِ أي متوار داخل في سرب.

[سورة الرعد (١٣) : الآيات ١١ الى ١٤]

لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (١١) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ (١٢) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ (١٣) لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (١٤)

لَهُ أي لله تعالى مُعَقِّباتٌ ملائكة يتعاقبون بالليل والنهار فإذا صعدت ملائكة الليل أعقبتها ملائكة النهار، وإذا صعدت ملائكة النهار أعقبتها ملائكة الليل، والتعقيب العود بعد المبدأ، قال الله وَلَمْ يُعَقِّبْ وإنما ذكرها هنا بلفظ جمع التأنيث لأنّ واحدهما معقب وجمعه معقبة، ثم جمع المعقبة معقبات فهي جمع الجمع. كما قيل أما قال قد حالات بكم وقوله:

مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ يعني من قدام هذا المستخفي بالليل والسارب بالنهار وَمِنْ خَلْفِهِ من وراء ظهره.

قال ابن عباس: ملائكة يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ... مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ فإذا جاء القدر خلوا عنه.

حماد بن سلمة عن عبد الله بن جعفر عن كنانه العمري قالوا: دخل عثمان بن عفان (رضي الله عنه) على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله أسألك عن العبد كم معه من ملك؟ قال: «ملك على يمينك يكتب حسناتك، وهو أمين على الذي على الشمال فإذا عملت حسنة كتبت عشرا، وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين: أأكتب؟ قال: لا، لعله يستغفر الله أو يتوب فإذا قال ثلاثا قال: نعم اكتب أراحنا الله منه فبئس القرين هو ما أقل مراقبته لله عزّ وجلّ وأقل استحياء منا يقول الله ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ «٢» وملكان من بين يديك


(١) زاد المسير: ٤/ ٢٢٩، وفي لسان العرب: ١/ ٤٦٢ وفيه (كل أناس) بدل (أرى كل قوم) .
(٢) سورة ق: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>