للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال كعب ومقاتل: كان طوله فرسخين فهبّت ريح وألقت رأسها في البحر وخرّ عليهم الباقي وانفكت بيوتهم وأحدث نمرود، ولما سقط الصرح تبلبلت ألسن الناس من الفزع فتكلموا بثلاثة وسبعين لسانا فلذلك سميت بابل، وإنما كان لسان الناس قبل ذلك بالسريانية وذلك قوله تعالى: فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ أي قصد تخريب بنيانهم من أصولها فأتاها أمر الله وهو الريح التي خرّبتها فَخَرَّ فسقط عَلَيْهِمُ السَّقْفُ يعني أعلى البيوت، مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ من مأمنهم ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ يذلّهم بالعذاب. وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ تحالفون فيهم لا ينقذونكم فيدفعوا عنكم العذاب.

وقرأ العامّة على فتح النون من قوله: تُشَاقُّونَ إلّا نافع فإنه كسرها على الإضافة قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وهم المؤمنون إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ العذاب عَلَى الْكافِرِينَ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ يقبض أرواحهم ملك الموت وأعوانه ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ بالكفر نصب على الحال، أي في حال كفرهم فَأَلْقَوُا السَّلَمَ أي استسلموا وانقادوا وقالوا: ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ شرك، فقالت لهم الملائكة: بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.

قال عكرمة: عنى بذلك من قتل من قريش وأهل مكة ببدر وقد أخرج إليها كرها.

فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ عن الإيمان.

[سورة النحل (١٦) : الآيات ٣٠ الى ٣٤]

وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ (٣٠) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ كَذلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (٣١) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٣٢) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٣٣) فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٤)

وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا وذلك أن أحياء العرب كانوا يبعثون أيام الموسم من يأتيهم بخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم فإذا جاء سأل الذين قعدوا على الطرق عنه، فيقولون: شاعر وساحر وكاهن وكاذب ومجنون [ويفرّق الأخوان] «١» ويقولون: إنه لو لم تلقه خير لك، فيقول السائل: أنا شرّ داخل إن رجعت إلى قومي دون أن أدخل مكة وأستطلع أمر محمّد أو ألقاه، فيدخل مكة فيرى أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيخبرونه بصدقه وأنه نبي مبعوث، فذلك قوله تعالى: وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً.


(١) المخطوط مشوش والظاهر ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>