للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشتمني ابن آدم ولا ينبغي له أن يشتمني، وأمّا تكذيبه إياي فحلفه بي أن لا أبعث الخلق، وأمّا شتمه إياي فقوله اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً وأنا الله الواحد الصمد الذي لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كُفُواً أَحَدٌ.

لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ هو مردود إلى قوله: لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا يبين لهؤلاء المنكرين المقتسمين الذين يختلفون وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ. إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ الآية، يقول الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: إنا إذا أردنا أن نبعث من يموت فلا تعب علينا ولا نصب في إحيائهم ولا في غير ذلك [مما نخلق ونكون ونحدث] ، لأنا إذا أردنا خلق شيء وإنشاؤه أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ «١» .

وفي هذه الآية دليل على أنّ القرآن غير مخلوق، فذكر أن الله عزّ وجلّ أخبر أنه إذا أراد شيئا قال لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، فلو كان قوله كُنْ مخلوقا لاحتاج إلى قول ثان ولاحتاج ذلك القول إلى قول ثالث إلى ما لا نهاية فلما بطل ذلك ثبت أن الله خلق الخلق بكلام غير مخلوق.

[سورة النحل (١٦) : الآيات ٤١ الى ٥٠]

وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٤٣) بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤) أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (٤٥)

أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٤٦) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٤٧) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ (٤٨) وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (٥٠)

وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا عذّبوا وقتلوا في الله، نزلت في بلال وصهيب وخبّاب وعمار وعابس وجبير وأبي جندل بن سهيل، أخذهم المشركون بمكة فعذّبوهم.

وقال قتادة: يعني أصحاب محمّد صلّى الله عليه وسلّم ظلمهم أهل مكة وأخرجوهم من ديارهم حتّى لحق جماعة منهم بالحبشة ثمّ بوّأهم الله بالمدينة بعد ذلك فجعلها لهم دار الهجرة وجعل لهم على من ظلمهم [أنصارا من المؤمنين والآية تعم الجميع] «٢» .

لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً أنزلهم المدينة وأطعمهم الغنيمة.


(١) تفسير الطبري: ١٤/ ١٤١.
(٢) تصويب العبارة من تفسير القرطبي: ١٠/ ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>