للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الربيع: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً قال: يفدون إلى ربهم فيكرمون ويعطون ويحيون ويشفعون وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ يعني الكافرين إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً قال المفسّرون: عطاشى، مشاة على أرجلهم قد تقطّعت أعناقهم من العطش، والورد جماعة يردون الماء، اسم على لفظ المصدر لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً يعني لا إله إلّا الله، ومن في موضع النصب على الاستثناء.

قال ابن عباس: يعني لا يشفع إلّا من شهد أن لا إله إلّا الله تبرّأ من الحول والقوة ولا يرجو إلا الله عزّ وجلّ.

وقال بعضهم: معناه إلّا لمن اتخذ، نظيره وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى قال مقاتل إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً يعني اعتقد بالتوحيد.

وقال قتادة: عمل بطاعة الله،

وروى أبو وائل عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله علائم يقول لأصحابه ذات يوم: «أيعجز أحدكم أن يتّخذ كلّ صباح ومساء عند الله عهدا؟

قالوا: كيف ذاك؟ قال: يقول كلّ صباح ومساء: اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ إنّي أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا أنّي أشهد أن لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك، وأنّ محمّدا عبدك ورسولك، وأنّك إن تكلني إلى نفسي تقرّبني من الشرّ وتباعدني من الخير، وإنّي لا أثق إلّا برحمتك فاجعل لي عندك عهدا توفّينيه يوم القيامة إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ، فإذا قال ذلك طبع الله عليه بطابع ووضع تحت العرش فإذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الذين لهم عند الرّحمن عهد فيدخلون الجنة «١» ؟» .

[سورة مريم (١٩) : الآيات ٨٨ الى ٩٨]

وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (٨٩) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (٩١) وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (٩٢)

إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (٩٥) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (٩٧)

وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (٩٨)

وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً يعني اليهود والنصارى، ومن زعموا أنّ الملائكة بنات الله، وقرأ حمزة والكسائي وُلْداً بضم الواو وجزم «٢» اللام وهي أربعة مواضع هاهنا، وحرف في


(١) تفسير ابن كثير: ٤/ ٦٢
(٢) في نسخة أصفهان: همز.

<<  <  ج: ص:  >  >>