للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ المطر اهْتَزَّتْ تحرّكت بالنبات وَرَبَتْ أي زادت وأضعفت النبات بمجيء الغيث، وقرأ أبو جعفر: ربأت بالهمز، ومثله في حم السجدة أي ارتفعت وعلت وانتفخت، من قول العرب: ربا الرجل إذا صعد مكانا مشرفا، ومنه قيل للطليعة رئبة.

وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ صنف حسن ذلِكَ الذي ذكرت لتعلموا بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ والحق هو الكائن الثابت وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ.

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٨ الى ١٨]

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٨) ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ (٩) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (١٠) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١١) يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٢)

يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (١٤) مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ (١٥) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (١٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١٧)

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (١٨)

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً بيان وبرهان وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ نزلت في النضر بن الحرث ثانِيَ عِطْفِهِ نصب على الحال.

قال ابن عباس: مستكبرا في نفسه، تقول العرب: جاء فلان ثاني عطفه أي متجبّرا لتكبّره وتجبّره، والعطف: الجانب.

الضحّاك: شامخا بأنفه، مجاهد وقتادة: لاويا «١» عنقه، عطيّة وابن زيد: معرضا عمّا يدعى إليه من الكبر.

ابن جريج: أي يعرض عن الحقّ نظيرها قوله سبحانه وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً «٢» الآية، وقوله وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ الآية.

لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ عذاب وهوان وهو القتل ببدر.

وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ فيقال له يومئذ ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وهذا وأضرابه مبالغة في إضافة الجرم إليه.

وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ فيعذّبهم بغير ذنب وهو سبحانه على أي وجه تصرّف في عبده فإنّه غير ظالم، بل الظالم: المتعدّي المتحكّم في غير ملكه.

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ الآية.

نزلت في أعراب كانوا يقدمون على رسول الله صلى الله عليه وسلّم المدينة مهاجرين من باديتهم فكان أحدهم إذا قدم المدينة، فإن صحّ بها جسمه ونتجت فرسه مهرا حسنا وولدت امرأته غلاما وكثر ماله وماشيته رضي به واطمأنّ إليه وقال: ما أصبت مذ دخلت في ديني هذا إلا خيرا، وإن أصابه وجع المدينة وولدت امرأته جارية وأجهضت رماكه وذهب ماله وتأخّرت عنه الصدقة، أتاه الشيطان فقال: والله ما أصبت مذ كنت على دينك هذا إلّا شرّا، فينقلب عن دينه، وذلك الفتنة،


(١) في المخطوط: لاوي.
(٢) سورة لقمان: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>