للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٣٨ الى ٤٧]

إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٣٨) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (٤٢)

وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٤) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٤٧)

إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ مكي وبصري: يدفع، غيرهم: يُدافِعُ، ومعناه: إنّ الله يدفع غائلة المشركين.

عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ في أمانة الله كَفُورٍ لنعمته.

أُذِنَ قرأ أهل المدينة والبصرة وعاصم أُذِنَ بضم الألف، وقرأ الباقون بفتحه أي أذن الله لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ قرأ أهل المدينة والشام بفتح التاء يعنون المؤمنين الذين يقابلهم المشركون، وقرأ الباقون بكسر التاء يعني إنّ الذين أذن لهم بالجهاد يقاتلون المشركين بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ.

قال المفسّرون: كان مشركو أهل مكة يؤذون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلا يزالون يجيئون من بين مضروب ومشجوج، فيشكونهم إلى رسول الله فيقول لهم: اصبروا فإنّي لم أؤمر بالقتال حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلّم من مكة، فأنزل الله سبحانه هذه الآية وهي أول آية أذن الله فيها بالقتال.

وقال ابن عباس: لما أخرج النبي صلى الله عليه وسلّم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيّهم، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، لنهلكنّ، فأنزل الله سبحانه أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ الآية، قال أبو بكر: فعرفت أنّه سيكون قتال.

وقال مجاهد: نزلت هذه الآية في قوم بأعيانهم خرجوا مهاجرين من مكة إلى المدينة فكانوا يمنعون من الهجرة، فأذن الله تعالى لهم في قتال الكفّار الذين يمنعونهم من الهجرة.

الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ بدل من الذين الأولى، ثمّ قال إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ يعني لم يخرجوا من ديارهم إلّا لقولهم ربّنا الله وحده، فيكون أن في موضع الخفض ردّا على الباء في قوله بِغَيْرِ حَقٍّ ويجوز أن يكون في موضع نصب على وجه الاستثناء.

وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ بالجهاد وإقامة الحدود وكفّ الظلم لَهُدِّمَتْ قرأ «١» الحجازيّون بتخفيف الدال، والباقون بالتشديد على الكسر أي تخرّبت صَوامِعُ قال مجاهد والضحاك: يعني صوامع الرهبان، قتادة: صوامع الصابئين.

وَبِيَعٌ النصارى، ابن أبي نجيح عن مجاهد: البيع: كنائس اليهود، وبه قال ابن زيد.


(١) في النسخة الثانية (أصفهان) : ابن كثير و.

<<  <  ج: ص:  >  >>