للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي نحوها وقصدها ماضيا لها، خارجا عن سلطان فرعون، يقال: داره تلقاء دار فلان إذا كانت محاذيتها، وأصله من اللقاء، ولم تصرف مدين لأنّها اسم بلدة معروفة. قال الشاعر:

رهبان مدين لو رأوك تنزّلوا ... والعصم من شغف العقول القادر «١»

وهو مدين بن إبراهيم نسبت البلدة إليه «٢» كما نسبت مدائن إلى أخيه مدائن بن إبراهيم قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ قصد الطريق إلى مدين، وإنّما قال ذلك لأنّه لم يكن يعرف الطريق إليها، فلمّا دعا جاءه ملك على فرس بيده عنزة فانطلق به إلى مدين.

قال المفسّرون: خرج موسى من مصر بلا زاد ولا درهم ولا ظهر ولا حذاء إلى مدين وبينهما مسيرة ثماني ليال نحوا من الكوفة إلى البصرة، ولم يكن له طعام إلّا ورق الشجر، قال ابن جبير: خرج من مصر حافيا، فما وصل إلى مدين حتى وقع خف قدميه.

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٢٣ الى ٢٨]

وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤) فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥) قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦) قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧)

قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ (٢٨)

وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وهو بئر كانت لهم وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ مواشيهم وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ تحبسان وتمنعان أغنامهما عن أن تشذ وتذهب، وقال الحسن: تكفان [أغنامهما] عن أن تختلط بأغنام الناس وترك ذكر الغنم اختصارا، قتادة:

[تذودان] الناس عن شائهما، أبو مالك وابن إسحاق: تحبسان غنمهما عن الماء حتى يصدر عنه مواشي الناس ويخلوا لهما البئر، ثم يسقيان «٣» غنمهما لضعفهما، وهذا القول أولى بالصواب لما بعده، وهو قوله: قالَ يعني موسى ما خَطْبُكُما ما شأنكما لا تسقيان مواشيكما مع الناس؟

قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ قرأ أبو عبد الرحمن السلمي والحسن وابن عامر وابن جعفر


(١) تاج العروس: ١/ ٢٨١.
(٢) في المخطوط: نسب البلدة إليها.
(٣) في نسخة أصفهان: تسقيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>