للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ابتدائه فينبغي أن يكون البعث أهون عليه عندكم من الإنشاء. وقال قوم: وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ، أي على الخلق، يصاح بهم صيحة فيقومون، ويقال لهم: كونوا فيكونون أهون عليهم من أن يكونوا نطفا ثمّ علقا ثمّ مضغا إلى أن يصيروا رجالا ونساء. وهذا معنى رواية حسان، عن الكلبي، عن أبي صالح عن ابن عبّاس واختيار قطرب.

وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى أي الصفة العليا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قال ابن عبّاس: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ. وقال قتادة: مثله أنّه لا إله إلّا هو ولا ربّ غيره. وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

[سورة الروم (٣٠) : الآيات ٢٨ الى ٣٥]

ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٨) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٩) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢)

وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤) أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (٣٥)

قوله تعالى: ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ من عبيدكم وإمائكم مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ من المال فَأَنْتُمْ وهم فِيهِ شرع سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ قال ابن عبّاس: تخافونهم أن يرثوكم كما يرث بعضكم بعضا، وقيل:

تخافون هؤلاء الشركاء أن يقاسموكم أموالكم كما يقاسم بعضكم بعضا، وهذا معنى قول أبي محلز، فإذ لم تخافوا هذا من مماليككم ولم ترضوا بذلك لأنفسكم فكيف رضيتم أن تكون آلهتكم التي تعبدونها لي شركاء؟ وأنتم وهم عبيدي وأنا مالككم جميعا، فكما لا يجوز استواء المملوك مع سيّده فكذلك لا يجوز استواء المخلوق مع خالقه.

ثمّ قال: كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ. بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ. فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ.

دين الله وهو نصب على المصدر أي فطر فطرة. ومعنى الآية: إنّ الدّين الحنيفية، فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها وقيل: نصب على الإغراء. لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ لدين الله، أي لا يصلح ذلك ولا ينبغي أن يفعل، ظاهره نفي ومعناه نهي، هذا قول أكثر العلماء والمفسّرين.

وقال عكرمة ومجاهد: لا تغيير لخلق الله من البهائم بالخصاء ونحوه.

أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون، عن أحمد بن محمد بن الحسن، عن محمد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>