للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ: إلى إبراهيم يَزِفُّونَ، أي يسرعون عن الحسن. مجاهد: يزفون زفيف النعام وهو حال بين المشي والطيران. الضحاك: يسعون، وقرأ يحيى والأعمش وحمزة يُزِفُّونَ بضم الياء، وهما لغتان: فقال لهم إبراهيم على وجه الحجاج: أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ؟ وفي هذه الآية دليل على أنّ أفعال العباد مخلوقة لله سبحانه وتعالى حيث قال: وَما تَعْمَلُونَ على [أنها] مكتسبة للعباد حيث أثبت لهم عملا، فأبطل مذهب القدرية والجبرية بهذه الآية،

وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إنّ الله خالق كلّ صانع وصنعته»

[٩١] «١» .

قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ: معطم النار. قال مقاتل: بنوا له حائطا من الحجر طوله ثلاثون ذراعا وعرضه عشرون ذراعا وملؤوه من الحطب وأوقدوا فيه النار.

فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ: المقهورين.

[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٩٩ الى ١٠٦]

وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠) فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (١٠١) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣)

وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ (١٠٦)

وَقالَ إبراهيم: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي، أي إلى مرضاة ربي، وهو المكان الذي أمر بالذهاب إليه. نظيره قوله: وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي «٢» ، وقيل: ذاهِبٌ إِلى رَبِّي بنفسي وعملي سَيَهْدِينِ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ مختصر. أي رب هب لي ولدا صالحا من الصالحين.

فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ذلك الغلام، قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ الآية، واختلف السّلف من علماء المسلمين في الذي أمر إبراهيم بذبحه من ابنيه بعد إجماع [أهل الخاص] على أنه كان إسحاق، فقال قوم: الذبيح إسحاق، وإليه ذهب من الصحابة عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود والعباس بن عبد المطلب، ومن الباقين وأتباعهم كعب الأحبار وسعيد بن جبير وقتادة ومسروق وعكرمة والقاسم بن أبي بزة وعطاء ومقاتل وعبد الرّحمن بن سابط والزبيري والسدّي.

وهي رواية عكرمة وابن جبير عن ابن عباس. أخبرني الحسن بن محمد بن عبد الله قال:


(١) المستدرك: ١/ ٣١.
(٢) سورة العنكبوت: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>