للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنشد الأخفش:

فإن تنأ عنا ننتقصك وإن تغب ... فسهمك مضئوز وأنفك راغم «١»

وتقدير ضِيزى من الكلام فعلى بضم الفاء لأنها صفة من الصفات، والصفات لا تكون إلّا (فعلى) بضم الفاء، نحو: حبلى وأنثى ويسرى، أو (فعلى) بفتح الفاء نحو: غضبى وسكرى وعطشى، وليس في كلام العرب (فعلى) بكسر الفاء في النعوت، إنّما يكون في الأسماء نحو:

دفرى، وذكرى وشعري. قال المؤرخ: كرهوا ضم الضاد وخافوا انقلاب الياء واوا وهو من بنات الياء فكسروا الضاد لهذه العلّة، كما قالوا في جمع أبيض: بيض، والأصل بوض مثل:

حمر وصفر، وأما من قال: ضاز يضوز فالاسم منه ضوزى مثل شورى.

إِنْ هِيَ يعني هذه الأوثان إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ قرأ العامة بالياء، وقرأ عيسى بالتاء إِلَّا الظَّنَّ في قولهم: إنّها آلهة وإنّها شفعاؤهم وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى لبيان أنّها ليست بآلهة وأن العبادة لا تصلح إلّا لله الواحد القهار.

[سورة النجم (٥٣) : الآيات ٢٤ الى ٣٢]

أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى (٢٤) فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى (٢٥) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى (٢٦) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى (٢٧) وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (٢٨)

فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَياةَ الدُّنْيا (٢٩) ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى (٣٠) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى (٣٢)

أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى اشتهى، وهم الكفار وزعموا أن الأصنام تشفع لهم عند الله، يعني: أتظنون أنّ لهم ما يتمنون من شفاعة الأصنام، ليس كما ظنوا أو تمنوا، بل لله الْآخِرَةُ وَالْأُولى، يعني الدنيا، يعطي ما يشاء ويمنع ما يشاء، لا ما تمنّى الإنسان واشتهى، وهذا كقوله: أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ أي لا إله مع الله، وقال ابن زيد: إن كان محمد تمنّى شيئا فأعطاه الله ذلك فلا تنكروه.

فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى يعطي من يشاء ما يشاء، ويحرم من يشاء ما يشاء.

وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ ممن يعبدونهم هؤلاء الكفار ويزعمون أنهم بنات الله


(١) جامع البيان للطبري: ٢٧/ ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>