للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزهري أكبر بالباء «١» ، إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.

[سورة المجادلة (٥٨) : الآيات ٨ الى ١١]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩) إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١)

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى - الآية-

قال ابن عباس: نزلت في اليهود والمنافقين وذلك أنّهم كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين، وينظرون إلى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم، فإذا رأى المؤمنون نجواهم قالوا: ما نراهم إلّا وقد بلغهم عن أقربائنا وإخواننا الذين خرجوا في السرايا قتل أو موت أو مصيبة أو هزيمة، فيقع ذلك في قلوبهم ويحزنهم، فلا يزالون كذلك حتى يقدم أصحابهم وأقرباؤهم. فلمّا طال ذلك وكثر شكوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأمرهم ألّا يتناجوا دون المسلمين فلم ينتهوا عن ذلك، وعادوا إلى مناجاتهم، فأنزل الله سبحانه هذه الآية.

وقال مقاتلان «٢»

: أنزلت في اليهود، وكانت بينهم وبين النبي صلّى الله عليه وسلّم موادعة، فإذا مرّ بهم رجل من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم (عليه السّلام) جلسوا يتناجون فيما بينهم حتى ينظر المؤمن أنّهم يتناجون بقتله أو بما يكره، فينزل الطريق عليهم من المخافة، فبلغ ذلك النبي (عليه السلام) فنهاهم عن النجوى فلم ينتهوا وعادوا إلى النجوى، فأنزل الله سبحانه هذه الآية.

وقال ابن زيد:

كان الرجل يأتي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسأله الحاجة ليري الناس أنّه قد ناجى فيقول لهم: إنّما يتناجون في حرب حضرت، أو جمع قد جمع لكم، أو أمر مهمّ قد وقع، فأنزل الله سبحانه: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى أي المناجاة.

ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ أي يرجعون إلى المناجاة التي نهوا عنها وَيَتَناجَوْنَ، قرأ يحيى والأعمش وحمزة (ينتجون) على وزن (يفتعلون) ، وقرأ الباقون يَتَناجَوْنَ على وزن (يتفاعلون) ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم لقوله: إِذا تَناجَيْتُمْ وتَناجَوْا ولم يقل (انتجيتم) و (انتجوا) . بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وقرأ الضحّاك:

(ومعصيات الرسول) فيهما بالجمع وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ وذلك

أنّ اليهود كانوا يدخلون على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيقولون: السام عليك. فيرد عليهم رسول الله: «وعليكم» . ولا يدري ما يقولون، والسام الموت، فإذا خرجوا قالوا: لو كان نبيّا لعذّبنا واستجيب فينا وعرف قولنا. فدخلوا عليه ذات يوم وقالوا: السام عليك. ففطنت عائشة رضي الله عنها إلى قولهم وقالت: وعليكم السام والذام


(١) أي أكبر. [.....]
(٢) كذا في المخطوط، والأولى: المقاتلان.

<<  <  ج: ص:  >  >>