للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحسن: كم مستدرج بالإحسان إليه، وكم من مفتون بالثناء عليه، وكم من مغرور بالستر عليه.

وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ في الضجر والغضب والعجلة وهو يونس (عليه السلام) .

إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ مغموم لَوْلا أَنْ تَدارَكَهُ أدركه، وفي مصحف عبد الله (تداركته) بالتاء. نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ حين رحمه وتاب عليه لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ مليم مجرم.

فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا وذلك أنّ الكفار أرادوا أن يعيّنوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويصيبوه بالعين، فنظر إليه قوم من قريش، وقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حججه.

وقيل: كانت العين في بني أسد، حتى أن كانت الناقة السمينة والبقرة السمينة تمرّ بأحدهم فيعاينها ثمّ يقول: يا جارية خذي المكيل والدرهم فأتينا بلحم من لحم هذه البقرة، فما تبرح حتى تقع بالموت فتنحر.

وقال الكلبي: كان رجل من العرب يمكث لا يأكل يومين أو ثلاثة، ثمّ يرفع جانب خبائه فتمر به الإبل فيقول: لم أر كاليوم إبلا ولا غنما أحسن من هذه، فما تذهب إلّا قريبا حتى يسقط منها طائفة وعدة، فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالعين ويفعل به مثل ذلك «١» ، فأجابهم وأنشد:

قد كان قومك يحسبونك سيدا ... وأخال أنّك سيد معيون «٢»

فعصم الله تعالى نبيّه صلّى الله عليه وسلّم، وأنزل وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني: ويكاد الذين كفروا.

لَيُزْلِقُونَكَ دخلت اللام لمكان إن، وقرأ الأعمش وعيسى ليرهقونك، وهي قراءة ابن عباس وابن مسعود أي يهلكونك، وقرأ أهل المدينة بفتح الياء لَيُزْلِقُونَكَ، وقرأ غيرهم بضمه، وهما لغتان، يقال: زلّفه تزلقه زلقا، أزلقه تزلقه إزلاقا بمعنى واحد، واختلفت «٣» عبارات المفسرون في تأويله.

قال ابن عباس: يقذفونك بأبصارهم لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ.

ويقال: زهق السهم وزلق إذا نفذ، وقال قتادة، بمعنى يزهقونك، معمر عن الكلبي:

يصرعونك، حيان عنه: يصرفونك عما أنت عليه من تبليغ الرسالة، عطية: يرجونك، المؤرخ:


(١) أسباب النزول للواحدي: ٢٤٩.
(٢) الصحاح: ٦/ ٢١٧١.
(٣) في المخطوط: واختلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>