للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن مطر [عن سفيان عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة] عن أبيه عن قتادة عن أنس أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم وأبا بكر وعمر كانوا يستفتحون القراءة ب الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، وإنما عنى بها أنهم كانوا يستفتحون الصلاة بسورة (الحمد) ، فعبّر بهذه الآية عن جميع السورة كما يقول:

قرأت الْحَمْدُ لِلَّهِ و (البقرة) ، أي سورة الْحَمْدُ لِلَّهِ وسورة (البقرة) . «١»

.. أي رويناها نحكم على هذين الحديثين وأمثالهما وبالله التوفيق.

[سورة الفاتحة (١) : الآيات ٢ الى ٣]

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣)

قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ

. «٢» .. على نفسه، نعيما منه على خلقه. ولفظه خبر ومعناه أمر، تقريره: قولوا: الحمد لله. قال ابن عباس: يعني: الشكر منه، وهو من الحمد.. «٣» .. والحمد لله نقيض الذم. وقال ابن الأنباري: هو مقلوب عن المدح كقوله: جبل وجلب، و: بض وضبّ.

واختلف العلماء في الفرق بين الحمد والشكر، فقال بعضهم: الحمد: الثناء على الرجل بما فيه من الخصال الحميدة، تقول: حمدت الرجل، إذا أثنيت عليه بكرم أو [حلم] أو شجاعة أو سخاوة، ونحو ذلك. والشكر له: الثناء عليه أو لآله.

فالحمد: الثناء عليه بما هو به، والشكر: الثناء عليه بما هو منه.

وقد يوضع الحمد موضع الشكر، فيقال: حمدته على معروفه عندي، كما يقال: شكرته، ولا يوضع الشكر موضع الحمد، [ف] لا يقال: شكرته على علمه وحلمه.

والحمد أعمّ من الشكر لذلك ذكره الله فأمر به، فمعنى الآية: الحمد لله على صفاته العليا وأسمائه الحسنى، وعلى جميع صنعه وإحسانه إلى خلقه.

وقيل: الحمد باللسان قولا، قال الله: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً «٤» ، وقال:

قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى «٥» والشكر بالأركان فعلا، قال الله تعالى:

اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً «٦» .

وقيل: الحمد لله على ما حبا وهو النعماء، والشكر على ما زوى وهو اللأواء.

وقيل: الحمد لله على النعماء الظاهرة، والشكر على النعماء الباطنة، قال الله تعالى:

وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً «٧» .


(١) بياض في المخطوط.
(٢) بياض في المخطوط.
(٣) بياض في المخطوط.
(٤) سورة الإسراء: ١١١. [.....]
(٥) سورة النمل: ٥٩.
(٦) سورة سبأ: ١٣.
(٧) سورة لقمان: ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>