للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملائكة يسوقونها، فلم يمسّ التابوت بشيء من الأرض إلّا كان مقدّسا، فأقبلا حتّى وقفا على أرض بني إسرائيل فكسرا بقرنهما وطفقا جناحهما، ووضعوا التابوت في أرض فيها حصاد لبني إسرائيل ورجعا إلى أرضهما، فلم تدع بنو إسرائيل إلّا بالتابوت فكبّروا وحمدوا الله عزّ وجلّ واستوسقوا على طالوت فذلك قوله: تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ أي تسوقه «١» .

وقال ابن عباس: جاءت الملائكة بالتابوت تحمله بين السماء والأرض وهم ينظرون إليه حتّى وضعته عند طالوت.

وقرأ ابن مسعود ومجاهد والأعمش (يحمله الملائكة) بالياء.

وقال قتادة: بل كان التابوت في التيه جعله موسى عند يوشع بن نون فبقي هنالك فحملته الملائكة حتّى وضعته في دار طالوت فأقرّوا بملكه. وقال ابن زيد: غير راضين.

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لعبرة لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قال ابن عباس: إنّ التابوت وعصا موسى في الجيزة الطبريّة وأنّهما يخرجان قبل يوم القيامة.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٤٩ الى ٢٥٢]

فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٢٤٩) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٢٥٠) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ (٢٥١) تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢٥٢)

فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ أي خرج [ورحل] بهم، وأصل الفصل: القطع فمعنى قوله فَصَلَ أي قطع مستقر فتجاوزه شاخصا إلى غيره نظير قوله تعالى: وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ «٢» .

فخرج طالوت من بيت المقدس بالجنود وهم يومئذ سبعون ألف مقاتل. وقيل: ثمانون ألفا لم يتخلّف عنه إلّا كبير لهرمه أو مريض لمرضه أو ضرير لضرره أو معذور لعذره «٣» .

وذلك أنّهم لما رأوا التابوت قالوا: قد أتانا التابوت وهو النور لا شك فيه، فتسارعوا إلى الجهاد.


(١) تفسير الطبري: ٢/ ٨٢٤.
(٢) سورة يوسف: ٩٤.
(٣) تفسير القرطبي: ٣/ ٢٥٠، وتفسير الطبري: ٢/ ٨٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>