للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعير معبد إذا كان مطليا بالقطران، قال طرفة:

إلى أن تحامتني العشيرة كلّها ... وأفردت إفراد البعير المعبّد «١»

وسمّي العبد عبدا لذلّته وانقياده لمولاه.

وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ: نستوفي ونطلب المعونة على عبادتك وعلى أمورنا كلّها، يقال: استعنته واستعنت به، وقرأ يحيى بن رئاب: (نستعين) بكسر النون. قال الفرّاء: تميم وقيس وأسد وربيعة يكسرون علامات المستقبل إلّا الياء، فيقولون إستعين ونستعين ونحوها، ويفتحون الياء لأنها أخت الكسرة. وقريش وكنانة يفتحونها كلّها وهي الأفصح والأشهر.

وإنّما كرّر إِيَّاكَ ليكون أدلّ على الإخلاص والاختصاص والتأكيد لقول الله تعالى خبرا عن موسى: كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً «٢» ، ولم يقل: كي نسبحك ونذكرك كثيرا.

وقال الشاعر:

وجاعل الشمس مصرا لا خفاء به ... بين النهار وبين الليل قد فصلا «٣»

ولم يقل بين النهار والليل. وقال الآخر:

بين الأشجّ وبين قيس باذخ ... بخ بخ لوالده وللمولود «٤»

وقال أبو بكر الورّاق: إِيَّاكَ نَعْبُدُ لأنك خلقتنا، وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ لأنك هديتنا وسمعت أبا القاسم الحبيبي يقول: سمعت أبا الحسن علي بن عبد الرّحمن الفرّان، وقد سئل عن الآية فقال:

إِيَّاكَ نَعْبُدُ لأنك الصانع، وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ لأن المصنوع لا غنى به عن الصانع، إِيَّاكَ نَعْبُدُ لتدخلنا الجنان، وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ لتنقذنا من النيران، إِيَّاكَ نَعْبُدُ لأنّا عبيد وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ لأنك كريم مجيد، إِيَّاكَ نَعْبُدُ لأنك المعبود بالحقيقة وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ لأننا العباد بالوثيقة.

[[سورة الفاتحة (١) : آية ٦]]

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)

اهْدِنَا،

قال علي بن أبي طالب (كرّم الله وجهه) وأبيّ بن كعب: أرشدتنا

فهذا كما يقال للرجل الذي يأكل: كل، والذي يقرأ: اقرأ، وللقائم: قم لي حتّى أعود لك أي دم على ما أنت


(١) لسان العرب: ٣/ ٢٧٤.
(٢) سورة طه: ٣٣- ٣٤.
(٣) ترتيب إصلاح المنطق: ٣٥٥.
(٤) الصحاح: ١/ ٤١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>