للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فبالله وكتابه ورسوله غنى عن المشورة، ولكن الله عزّ وجلّ أراد أن تكون بيّنة فلا يبرم أمر الدين والدنيا حتى تشاوروا، وقد أثنى الله على [أهل] المشاورة فقال: وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ «١» .

روى عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «إذا كان أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم سمحاءكم وأمركم شورى بينكم فظهر الأرض خير من بطنها وإذا كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم ولم يكن أمركم شورى بينكم فبطن الأرض خير من ظهرها» «٢» [١٧٢] .

أنشدني أبو القاسم الحبيبي قال: أنشدني عمي:

إذا كنت في حاجة مرسلا ... فأرسل حكيما ولا توصه

وإن ناب أمر عليك التوى ... فشاور لبيبا ولا تعصه

ونص الحديث إلى أهله ... فإن الوثيقة في نصه

إذا المرء أضمر خوف الإله ... تبين ذلك في شخصه «٣»

وأنشدني أبو القاسم الحبيبي قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن المنذر الضرير، قال أبو سلمة المؤدب:

شاور صديقك في الخفي المشكل ... واقبل نصيحة ناصح متفضل

فالله قد أوصى بذلك نبيّه ... في قوله شاورهم وتوكل «٤»

فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ لا على مشاورتهم.

وقرأ جعفر الصادق (رضي الله عنه) وجابر بن زيد: (فَإِذا عَزَمْتُ) بضم التاء أي عزمت لك ووفقتك وأنشدتك فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ

، والتوكل التفعل من الوكالة يقال: وكّلت الأمر إلى فلان فتوكل أي ضمنه وقام به، فمعنى قوله: (توكل) أي قم بأمر الله وثق به واستعنه.

[فصل في التوكل]

اختلفت عبارات العلماء في معنى التوكل وحقيقة المتوكل:

فقال سهل بن عبد الله رحمة الله عليه: أول مقام التوكل، أن يكون العبد بين يدي الله


(١) سورة الشورى: ٣٨.
(٢) سنن الترمذي: ٣/ ٣٦١، ح ٢٣٦٨.
(٣) ورد أبياتا متناثرة في مصادر عدّة، راجع: تفسير القرطبي: ٤/ ٢٥١، كشف الخفاء: ١/ ٣٤١، ترجمة ١٠٩١، نهج السعادة: ٧/ ٢٨٢.
(٤) تفسير القرطبي: ٤/ ٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>