للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا رَيْبَ فِيهِ: لا شكّ فيه، إنّه من عند الله.

قال: هُدىً: أي هو هدى، وتم الكلام عند قوله فِيهِ، وقيل: «هو» نصب على الحال، أي هاديا تقديره لا ريب في هدايته للمتقين.

قال أهل المعاني: ظاهره نفي وباطنه نهي، أي لا ترتابوا فيه، كقوله تعالى: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ «١» : أي لا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا في الهدى، والبيان وما يهتدي به ويستبين به الإنسان.

[فصل في التقوى]

هُدىً لِلْمُتَّقِينَ: اعلم أنّ التقوى أصله وقى «٢» من وقيت، فجعلت الواو تاء، كالتكلان فأصله وكلان من وكلت، والتخمة أصلها وخمة من وخم معدته إذا لم يستمرئ.

واختلف العلماء في معنى التقوى وحقيقة المتقي،

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «جماع التقوى في قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ ... «٣» الآية» «٤» [٦٢] .

قال ابن عباس: المتقي الذي يتقي الشرك والكبائر والفواحش.

وقال ابن عمر: التقوى أن لا يرى [نفسه] خيرا من أحد.

وقال الحسن: المتقي الذي يقول لكل من رآه هذا خير مني.

وقال عمر بن الخطاب لكعب الأحبار: حدّثني عن التقوى، فقال: هل أخذت طريقا ذا شوك؟ قال: نعم، وقال: فما عملت فيه؟ قال: حذرت وتشمّرت، فقال كعب: ذلك التقوى، ونظمه ابن المعتز فقال:

خلّ الذنوب صغيرها ... وكبيرها ذاك التقى

واضع كماش فوق أر ... ض الشوك يحذر ما يرى

لا تحتقرنّ صغيرة ... إنّ الجبال من الحصا «٥»

وقال عمر بن عبد العزيز: ليس التقوى قيام النهار وقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك، ولكن التقوى ترك ما حرّم الله وأداء ما افترض الله، فما رزق بعد ذلك فهو خير على خير.


(١) سورة البقرة: ١٩٧.
(٢) في المخطوط: وقوي.
(٣) سورة النحل: ٩٠.
(٤) تفسير مجمع البيان: ١/ ٨٢.
(٥) تفسير القرطبي: ١/ ١٦٢. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>