للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقيرا لفقره فذلك قوله تعالى إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما منكم فهو يتولى ذلك منهم فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا يعني أن تتركوا الحق وتتبرأوا.

قال الفراء: ويقال معناه: لا تتبعوا الذنوب لتعدلوا كما يقال: لا تتبعن هواك ليرضى عنك أي أنهاك عن هذا كيما يرضى ربّك.

ويقال: فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى فرارا من إقامة الشهادة وَإِنْ تَلْوُوا باللسان فتحرفوا الشهادة لتبطلوا الحق أَوْ تُعْرِضُوا عنها فتكتمونها ولا تقيمونها عند الحكام فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ من إقامتها وكتمانها خَبِيراً ويقال: معناه: وَإِنْ تَلْوُوا أي تدافعوا في إقامة الشهادة، يقال:

لويت حقّه أي دافعته وبطلته.

وقال ابن عباس: هذه الآية في [القاضي] وليّه شدقه وإعراضه عن أحد الخصمين.

وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند نزول هذه الآية: «مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فليقم شهادته على ما كانت، ومَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فلا يجحد حقّا هو عليه، وليؤدّه عفوا، ولا يلجئه إلى سلطان [ليأخذ] «١» بها حقه، وأما رجل خاصم إليّ فقضيت له إلى أخيه بحق ليس هو له عليه، فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من جهنم» «٢» [٣٩٠] .

[مسألة في اللغة]

قال أهل المعاني: معنى القسط العدل، يقال أقسط الرجل يقسط إقساطا إذا عدل وقسط يقسط قسوطا إذ جار.

قال الله تعالى: وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ «٣» وقال تعالى: أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً.

ويقال: قسط البعير يقسط قسطا إذا يبست يده، ويد قسطا أي يابسة، فكان أقسط معناه أقام الشيء على حقيقته في العدل، وكان معنى قسط أي [خيار] أي يبس الشيء وأفسد جهته المستقيمة.

[سورة النساء (٤) : الآيات ١٣٦ الى ١٤١]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (١٣٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (١٣٧) بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٣٨) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (١٣٩) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (١٤٠)

الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (١٤١)


(١) المخطوط مشوش ولم نجده في المصادر وما أثبتناه استظهارا منا. [.....]
(٢) المعجم الكبير: ٢٣/ ٣٨٢ باختصار.
(٣) سورة الحجرات: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>