للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكميّ. أي يغلب عليها ويجمعها، ويروى بالزاي فيهما.

وقال النحويون: اسْتَحْوَذَ خرج على الأصل «١» ، فمن قال: حاذ يحوذ لم يقل إلّا استحاذ يستحذ وإن كان أحوذ يحوذ كما قال بعضهم: أحوذت [وأطّيبت] بمعنى أحذت وأطبت. قال اسْتَحْوَذَ استخرجه على الأصل وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ونمنعكم منازلة المؤمنين فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يعني بين أهل الإيمان وأهل النفاق ثم يفصل بينهم وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا.

عكرمة والضحاك عن ابن عباس يعني حجة.

الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ يعني أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم سَبِيلًا يعني ظهورا عليهم.

وقال علي (رضي الله عنه) : وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ في الآخرة

، وفي هذه الآية دليل على أن المنافق ليس بمؤمن وليس الإيمان هو الإقرار فقط، إذ لو كان الإيمان هو الإقرار لكانوا بذلك هم مؤمنين.

وفيه دليل أيضا على صحة نبوة النبي صلّى الله عليه وسلّم لأن القوم كانوا كاتمين اعتقادهم فأظهر الله عز وجل رسوله على اعتقادهم وكان ذلك حجة له عليهم إذ علموا إنه لا يطلع على ضمائر القلوب إلا البارئ جل وعز.

[سورة النساء (٤) : الآيات ١٤٢ الى ١٤٧]

إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٤٢) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (١٤٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً (١٤٤) إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (١٤٥) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (١٤٦)

ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً (١٤٧)

إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ

قد مرّ تفسيره.

وَهُوَ خادِعُهُمْ

أي يجازيهم جزاء خداعهم، وذلك أنهم على الصراط يعطون نورا كما يعطي المؤمنين، فإذا مضوا على الصراط [يسلبهم ذلك النور] ويبقى المؤمنون ينظرون بنورهم فينادون المؤمنين انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ فيناديهم الملائكة على الصراط ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً «٢» وقد علموا أنهم لا يستطيعون الرجوع [فيشفق] المؤمنون حينئذ من نورهم أن


(١) راجع لسان العرب: ٣/ ٤٨٧.
(٢) سورة الحديد: ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>