للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِينَ بَرَقَ الْفَجْرُ وَحَرَّمَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ عَلَى الصَّائِمِ

فَهَذَا أَوَّلُ وَقْتِ الْفَجْرِ وَقَدْ تَوَاتَرَتْ بِهِ الْآثَارُ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَأَمَّا آخِرُ وَقْتِهَا فَهُوَ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ عِنْدَ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ وَقْتُ الصُّبْحِ الْإِغْلَاسُ وَالنُّجُومُ بَادِيَةٌ مُشْتَبِكَةٌ وَآخِرُ وَقْتِهَا إذَا أَسْفَرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْوَقْتَ الْمُسْتَحَبَّ وَكَرَاهَةُ التَّأْخِيرِ إلَى بَعْدِ الْإِسْفَارِ لَا عَلَى مَعْنَى أَنَّهَا تَكُونُ فَائِتَةً إذَا أَخَّرَهَا إلَى بَعْدِ الْإِسْفَارِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ

وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَقْتُ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ

وَقَدْ رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ لِلصَّلَاةِ أَوَّلًا وَآخِرًا وَإِنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْفَجْرِ حِينَ يَطْلُعُ الْفَجْرُ وَإِنَّ آخِرَ وَقْتِهَا حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ

وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَيْضًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ

فَأَلْزَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدْرِكَ هَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْوَقْتِ جَمِيعَ الصَّلَاةِ مِثْلَ الْحَائِضِ تَطْهُرُ وَالصَّبِيُّ يَبْلُغُ وَالْكَافِرُ يُسْلِمُ فَثَبَتَ أَنَّ وَقْتَ الْفَجْرِ إلَى طلوع الشمس.

وَقْتُ الظُّهْرِ

وَأَمَّا أَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ فَهُوَ من حين نزول الشَّمْسُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ وقال الله تعالى وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ وقال أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ دُلُوكَ الشَّمْسِ تَحْتَمِلُ الزَّوَالَ وَالْغُرُوبَ جَمِيعًا وَهُوَ عَلَيْهِمَا فَتَنْتَظِمُ الْآيَةُ الْأَمْرَ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ وَبَيَانِ أَوَّلِ وَقْتَيْهِمَا وَمِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ

حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَجَابِرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَبُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِكْرِ الْمَوَاقِيتِ حِينَ أَمَّهُ جِبْرِيلُ وَأَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ

وَفِي بَعْضِهَا ابْتِدَاءُ اللَّفْظِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ

قَالَ أَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ

وَهِيَ أَحَادِيثُ مَشْهُورَةٌ كَرِهْت الْإِطَالَةَ بِذِكْرِ أَسَانِيدِهَا وَسِيَاقَةِ أَلْفَاظِهَا فَصَارَ أَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ مَعْلُومًا مِنْ جِهَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ وَأَمَّا آخِرُ وَقْتِهَا فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ فَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ إحْدَاهُنَّ أَنْ يَصِيرَ الظِّلُّ أَقَلَّ مِنْ قَامَتَيْنِ وَالْأُخْرَى وَهِيَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَالثَّالِثَةُ أَنْ يَصِيرَ الظِّلُّ قَامَتَيْنِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْأَصْلِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وزفر والحسن ابن زِيَادٍ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ هُوَ أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>