للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا افتتحت الصلاة فقلت ببسم الله الرحمن الرحيم قَالَ ثُمَّ خَرَجَ)

قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهَا آيَةٌ إذْ لَمْ تُعَارِضْ هَذِهِ الْأَخْبَارَ أَخْبَارٌ غَيْرُهَا فِي نَفْيِ كَوْنِهَا آيَةً فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ يَلْزَمُك عَلَى مَا أَصَّلْت أَنْ لَا تُثْبِتَهَا آيَةً بِأَخْبَارِ الْآحَادِ حَسَبَ مَا قُلْته فِي نَفْيِ كَوْنِهَا آيَةً مِنْ أَوَائِلِ السُّوَرِ قِيلَ لَهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم توقيف الأمة على مقاطع الآية وَمَقَادِيرِهَا وَلَمْ يُتَعَبَّدْ بِمَعْرِفَتِهَا فَجَائِزٌ إثْبَاتُهَا آيَةً بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَأَمَّا مَوْضِعُهَا مِنْ السُّوَرِ فَهُوَ كَإِثْبَاتِهَا مِنْ الْقُرْآنِ سَبِيلُهُ النَّقْلُ الْمُتَوَاتِرُ وَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُهَا بِأَخْبَارِ الْآحَادِ وَلَا بِالنَّظَرِ وَالْمَقَايِيسِ كَسَائِرِ السُّوَرِ وَكَمَوْضِعِهَا مِنْ سُورَةِ النَّمْلِ أَلَا ترى أنه قد كأنه يكون مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوْقِيفٌ عَلَى مَوْضِعِ الْآيِ عَلَى مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ عُثْمَانَ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ وَلَمْ يُوجَدْ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَوْقِيفٌ في سائر الآي على مباديها وَمَقَاطِعِهَا فَثَبَتَ أَنَّهُ غَيْرُ مَفْرُوضٍ عَلَيْنَا مَقَادِيرُ الْآيِ فَإِذْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهَا آيَةٌ فَلَيْسَتْ تَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ آيَةً فِي كُلِّ مَوْضِعٍ هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِيهِ مِنْ الْقُرْآنِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَوَائِلِ السُّوَرِ أَوْ أَنْ تَكُونَ آيَةً مُنْفَرِدَةً كُرِّرَتْ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ عَلَى حَسَبِ مَا يُكْتَبُ فِي أَوَائِلِ الْكُتُبِ عَلَى جِهَةِ التَّبَرُّكِ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ آيَةً فِي كُلِّ مَوْضِعٍ هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِيهِ لِنَقْلِ الْأُمَّةِ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الْمُصْحَفِ مِنْ الْقُرْآنِ وَلَمْ يَخُصُّوا شَيْئًا مِنْهُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ وُجُودُهَا مُكَرَّرَةً فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مُخْرِجَهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْقُرْآنِ لِوُجُودِنَا كَثِيرًا مِنْهُ مَذْكُورًا عَلَى وَجْهِ التَّكْرَارِ وَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ تَكُونَ كُلُّ آيَةٍ مِنْهَا وَكُلُّ لَفْظَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ فِيهِ نَحْوَ قَوْلِهِ [الْحَيُّ الْقَيُّومُ] في سورة البقرة مثله فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَنَحْوَ قَوْلِهِ [فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ] كُلُّ آيَةٍ مِنْهَا مُفْرَدَةٌ فِي مَوْضِعِهَا مِنْ الْقُرْآنِ لَا عَلَى مَعْنَى تَكْرَارِ آيَةٍ وَاحِدَةٍ وكذلك بسم الله الرحمن الرحيم وَقَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إنَّهَا آيَةٌ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ آيَةً فِي كُلِّ مَوْضِعٍ ذُكِرَتْ فيه.

فَصْلٌ وَأَمَّا قِرَاءَتُهَا فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَابْنَ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيَّ وَالْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ وأبا يوسف ومحمد وَزُفَرَ وَالشَّافِعِيَّ كَانُوا يَقُولُونَ بِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الِاسْتِعَاذَةِ قَبْلَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَكْرَارِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَعِنْدَ افْتِتَاحِ السُّورَةِ

فَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يقرأها فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مَرَّةً وَاحِدَةً عِنْدَ ابْتِدَاءِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَلَا يُعِيدُهَا مَعَ السُّورَةِ

عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>