للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْوَالَهُمْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ الْإِمَامَ فَلَوْلَا أَنَّ خَبَرَهُ مَقْبُولٌ لَمَا كَانَ لِنَصْبِهِ وَجْهٌ فَإِنْ قِيلَ إنَّمَا يَدُلُّ ذَلِكَ على قبول الِاثْنَيْ عَشَرَ دُونَ الْوَاحِدِ قِيلَ لَهُ إنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ لَمْ يَكُونُوا نُقَبَاءَ عَلَى جَمِيعِ بَنِي إسْرَائِيلَ بِجُمْلَتِهِمْ وَإِنَّمَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَقِيبًا عَلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً دُونَ الْآخَرِينَ قَوْله تَعَالَى وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْيَهُودِ حِينَ حَذَّرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِقْمَاتِ اللَّهِ فَقَالُوا لَا تُخَوِّفْنَا فَإِنَّا أبناء الله وأحباؤه قال السُّدِّيُّ تَزْعُمُ الْيَهُودُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إلَى إسْرَائِيلَ أَنَّ وَلَدَك بِكْرِي مِنْ الْوَلَدِ وَقَالَ الْحَسَنُ إنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى قُرْبِ الْوَلَدِ مِنْ الْوَالِدِ وَأَمَّا النَّصَارَى فَقِيلَ إنهم تأولوا ما في الإنجيل في قَوْلِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إنِّي ذَاهِبٌ إلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَقِيلَ إنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَكَانَ مِنْهُمْ جَرَى ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْعَرَبِ هُذَيْلٌ شُعَرَاءُ أَيْ مِنْهُمْ شُعَرَاءُ وَعَلَى قَوْلِهِمْ فِي رَهْطِ مُسَيْلِمَةَ قَالُوا نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ أَيْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ وَتَابَعُوهُ عليه فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ أَيْ مِنَّا ابْنُ اللَّهِ وَقَالَ تعالى قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ فِيهِ إبْطَالُ دَعْوَاهُمْ ذَلِكَ وَتَكْذِيبُهُمْ بِهَا عَلَى لِسَانِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِأَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ بِالذُّنُوبِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَبَ الْمُشْفِقَ لَا يُعَذِّبُ وَلَدَهُ قوله تعالى وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَالْحَسَنُ الْمَلِكُ مَنْ لَهُ دَارٌ وَامْرَأَةٌ وَخَادِمٌ وَقَالَ غَيْرُهُمْ هُوَ الَّذِي لَهُ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ تَكَلُّفِ الْأَعْمَالِ وَتَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ لِلْمَعَاشِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ جُعِلُوا مُلُوكًا بِالْمَنِّ وَالسَّلْوَى وَالْحَجَرِ وَالْغَمَامِ وَقَالَ غَيْرُهُمْ بِالْأَمْوَالِ أَيْضًا وَقَالَ الْحَسَنُ إنَّمَا سَمَّاهُمْ مُلُوكًا لِأَنَّهُمْ مَلَكُوا أَنْفُسَهُمْ بِالتَّخَلُّصِ مِنْ الْقِبْطِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْتَعْبِدُونَهُمْ وَقَالَ السُّدِّيُّ مَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَفْسَهُ وَأَهْلَهُ وَمَالَهُ وَقَالَ قَتَادَةُ كَانُوا أَوَّلَ من ملك الخادم قوله يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ تَحْرِيفُهُمْ إيَّاهُ يَكُونُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا بِسُوءِ التَّأْوِيلِ وَالْآخَرُ بِالتَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ وَأَمَّا مَا قَدْ اسْتَفَاضَ وَانْتَشَرَ فِي أَيْدِي الْكَافَّةِ فَغَيْرُ مُمْكِنٍ تَغْيِيرُ ألفاظه إلى غيرها لامتناع الطواطؤ عَلَى مِثْلِهِمْ وَمَا لَمْ يَسْتَفِضْ فِي الْكَافَّةِ وَإِنَّمَا كَانَ عِلْمُهُ عِنْدَ قَوْمٍ مِنْ الْخَاصَّةِ يَجُوزُ عَلَى مِثْلِهِمْ التَّوَاطُؤُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وُقُوعُ تَغْيِيرِ أَلْفَاظِهِ وَمَعَانِيهِ إلَى غَيْرِهَا وَإِثْبَاتُ أَلْفَاظٍ أُخَرَ سِوَاهَا وَأَمَّا الْمُسْتَفِيضُ الشَّائِعُ فِي أَيْدِي الْكَافَّةِ فَإِنَّمَا تَحْرِيفُهُمْ عَلَى تَأْوِيلَاتٍ فَاسِدَةٍ كَمَا تَأَوَّلَتْ الْمُشَبِّهَةُ وَالْمُجَبِّرَةُ كَثِيرًا مِنْ الْآيِ الْمُتَشَابِهَةِ عَلَى مَا تَعْتَقِدُهُ مِنْ مَذْهَبِهَا وَتَدَّعِي مِنْ مَعَانِيهَا مَا يُوَافِقُ اعْتِقَادَهَا دُونَ حَمْلِهَا عَلَى معاني الْمُحْكَمَةِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>