للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّسَاءِ وَلَا اللَّحْمِ وَلَا اتِّخَاذُ الصَّوَامِعِ

وَرَوَى مَسْرُوقٌ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ فَأُتِيَ بضرع فتنحى رجل فقال عبد الله أدنه فَكُلْ فَقَالَ إنِّي كُنْت حَرَّمْت الضَّرْعَ فَتَلَا عَبْدُ اللَّهِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ كُلْ وَكَفِّرْ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ- إلَى قَوْلِهِ- قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ

وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ مَارِيَةَ

وَرُوِيَ أَنَّهُ حَرَّمَ الْعَسَلَ عَلَى نَفْسِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ

وَأَمَرَهُ بِالْكَفَّارَةِ وَكَذَلِكَ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعَلَمِ فِيمَنْ حَرَّمَ طَعَامًا أَوْ جَارِيَةً عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ إنْ أَكَلَ مِنْ الطَّعَامِ حَنِثَ وَكَذَلِكَ إنْ وَطِئَ الْجَارِيَةَ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَفَرَّقَ أَصْحَابُنَا بَيْنَ مَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ هَذَا الطَّعَامَ وَبَيْنَ قَوْلِهِ حَرَّمْته عَلَى نَفْسِي فَقَالُوا فِي التَّحْرِيمِ إنْ أَكَلَ الْجُزْءَ مِنْهُ حَنِثَ وَفِي الْيَمِينِ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِ الْجَمِيعِ وَجَعَلُوا تَحْرِيمَهُ إيَّاهُ عَلَى نَفْسِهِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ والله لأكلت مِنْهُ شَيْئًا إذْ كَانَ ذَلِكَ مُقْتَضَى لَفْظِ التحريم إياه على نفسه بمنزلة قوله والله لأكلت مِنْهُ شَيْئًا إذْ كَانَ ذَلِكَ مُقْتَضَى لَفْظِ التَّحْرِيمِ فِي سَائِرِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى مِثْلُ قَوْلِهِ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ اقْتَضَى اللَّفْظُ تَحْرِيمَ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ فَكَذَلِكَ تَحْرِيمُ الْإِنْسَانِ طَعَامًا يَقْتَضِي إيجَابَ الْيَمِينِ فِي أَكْلِ الْجُزْءِ مِنْهُ وَأَمَّا الْيَمِينُ بِاَللَّهِ فِي نَفْيِ أَكْلِ هَذَا الطَّعَامِ فَإِنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْأَيْمَانِ الْمُنْتَظِمَةِ لِلشُّرُوطِ وَالْجَوَابِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ إنْ أَكَلْت هَذَا الطَّعَامَ فَعَبْدِي حَرٌّ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْبَعْضِ مِنْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ أَكْلَ الْجَمِيعِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ فَرُوِيَ أَنَّ إسْرَائِيلَ أَخَذَهُ عِرْقُ النَّسَا فَحَرَّمَ أَحَبَّ الْأَشْيَاءِ إلَيْهِ وَهُوَ لُحُومُ الْإِبِلِ إنْ عَافَاهُ اللَّهُ فَكَانَ ذَلِكَ تَحْرِيمًا صَحِيحًا حَاظِرًا لِمَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ قِيلَ لَهُ هُوَ مَنْسُوخٌ بِشَرِيعَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الْمُمْتَنِعِينَ مَنْ أَكْلِ اللُّحُومِ وَالْأَطْعِمَةِ اللَّذِيذَةِ تَزَهُّدًا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ نَهَى عَنْ تَحْرِيمِهَا وَأَخْبَرَ بِإِبَاحَتِهَا فِي قَوْلِهِ وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَضِيلَةَ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ أَكْلِهَا

وَقَدْ رَوَى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ لَحْمَ الدَّجَاجِ

وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ الرطب والبطيخ

وروى غالب ابن عَبْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أراد أن يأكل الدجاج حَبَسَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَعَلَفَهَا ثُمَّ أَكَلَهَا

وَرَوَى إبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ كُلْ مَا شِئْت وَاكْتَسِ مَا أَخْطَأْت اثْنَتَيْنِ سَرَفًا أَوْ مَخِيلَةً وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أوفى وعمران بن حصين وأنس

<<  <  ج: ص:  >  >>