للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتجاراتهم معهم ثم ما فيه مَنَافِعِ الدِّينِ مِنْ التَّأَهُّبِ لِلْخُرُوجِ إلَى الْحَجِّ وَإِحْدَاثِ التَّوْبَةِ وَالتَّحَرِّي لَأَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهُ مِنْ أَحَلِّ مَالِهِ ثُمَّ احْتِمَالِ الْمَشَاقِّ فِي السَّفَرِ إلَيْهِ وَقَطْعِ الْمَخَاوِفِ وَمُقَاسَاةِ اللُّصُوصِ وَالْمُحْتَالِينَ فِي مَسِيرِهِمْ إلَى أَنْ يَبْلُغُوا مَكَّةَ ثُمَّ الْإِحْرَامِ وَالتَّجَرُّدِ لِلَّهِ تَعَالَى وَالتَّشَبُّهِ بِالْخَارِجِينَ يَوْمَ النُّشُورِ مِنْ قُبُورِهِمْ إلَى عَرْصَةِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ كَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّلْبِيَةِ وَاللَّجَأِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَإِخْلَاصِ النِّيَّةِ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ الْبَيْتِ والتعلق بأستاره موقتا بِأَنَّهُ لَا مَلْجَأَ لَهُ غَيْرُهُ كَالْغَرِيقِ الْمُتَعَلِّقِ بِمَا يَرْجُو بِهِ النَّجَاةَ وَأَنَّهُ لَا خَلَاصَ له بِالتَّمَسُّكِ بِهِ ثُمَّ إظْهَارِ التَّمَسُّكِ بِحَبْلِ اللَّهِ الذي من تمسك به نجا وما حَادَ عَنْهُ هَلَكَ ثُمَّ حُضُورِ الْمَوْقِفِ وَالْقِيَامِ عَلَى الْأَقْدَامِ دَاعِينَ رَاجِينَ لِلَّهِ تَعَالَى مُتَخَلِّفِينَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا تَارِكِينَ لَأَمْوَالِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ وَأَهَالِيِهِمْ عَلَى نَحْوِ وُقُوفِهِمْ فِي عَرْصَةِ الْقِيَامَةِ وَمَا فِي سَائِرِ مَنَاسِكِ الْحَجِّ مِنْ الذِّكْرِ وَالْخُشُوعِ وَالِانْقِيَادِ لِلَّهِ تَعَالَى ثُمَّ مَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ سَائِرِ الْقُرَبِ التي هي معروفة في غير الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالْقُرُبَاتِ وَالذِّكْرِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَمَا لَوْ اسْتَقْصَيْنَا ذِكْرَهُ لَطَالَ بِهِ الْقَوْلُ فَهَذِهِ كُلُّهَا مِنْ مَنَافِعِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا قَوْله تَعَالَى ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إخْبَارٌ عَنْ عِلْمِهِ بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ شَرِيعَةُ الْحَجِّ مِنْ مَنَافِعِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا فَدَبَّرَهُ هَذَا التَّدْبِيرَ الْعَجِيبَ وَانْتَظَمَ بِهِ صَلَاحُ الْخَلْقِ مِنْ أَوَّلِ الْأُمَّةِ وَآخِرِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ عَالِمًا بِالْغَيْبِ وَبِالْأَشْيَاءِ كلها قَبْلَ كَوْنِهَا لَمَا كَانَ تَدْبِيرُهُ لِهَذِهِ الْأُمُورِ مُؤَدِّيًا إلَى مَا ذُكِرَ مِنْ صَلَاحِ عِبَادِهِ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ لِأَنَّ مَنْ

لَا يَعْلَمُ الشَّيْءَ قَبْلَ كَوْنِهِ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ فِعْلُ الْمُحْكَمِ الْمُتْقَنِ عَلَى نِظَامٍ وَتَرْتِيبٍ يَعُمُّ جَمِيعَ الْأُمَّةِ نَفْعُهُ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا

قَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ

رَوَى قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضْبَانَ قَدْ احْمَرَّ وَجْهُهُ فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إلَّا أَجَبْتُكُمْ فَقَامَ إلَيْهِ رِجْلٌ فَقَالَ أَيْنَ أَنَا فَقَالَ فِي النَّارِ فَقَامَ إلَيْهِ آخَرُ فَقَالَ مَنْ أَبِي فَقَالَ أَبُوك حُذَافَةُ فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ رَضِينَا بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا حَدِيثِي عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَشِرْكٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ مَنْ آبَاؤُنَا فَسَكَنَ غَضَبُهُ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ

وروى إبْرَاهِيمُ الْهِجْرِيُّ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ عَنْ أَبِي هريرة أنها نزلت حين سئل الحج

<<  <  ج: ص:  >  >>