للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم توجد ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ وَلَا يَخْتَلِفُ فِي حُكْمِ الْيَمِينِ وُجُودُ ذَوِي الْعَدْلِ وَعَدَمُهُمْ وقَوْله تَعَالَى ولا نكتم شهادة الله يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّ الْيَمِينَ مَوْجُودَةٌ ظاهرة غير مكتوبة

ثُمَّ ذَكَرَ يَمِينَ الْوَرَثَةِ بَعْدَ اخْتِلَافِ الْوَصِيِّينَ عَلَى مَالِ الْمَيِّتِ وَإِنَّمَا الشَّهَادَةُ الَّتِي هِيَ اليمين هي المذكورة في قوله تعالى لشهادتنا أحق من شهادتهما

ثُمَّ قَوْلُهُ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا يَعْنِي بِهِ الشَّهَادَةَ عَلَى الْوَصِيَّةِ إذْ غَيْرُ جائز أن يقول أن يأتوا بِالْيَمِينِ عَلَى وَجْهِهَا وقَوْله تَعَالَى أَوْ يَخَافُوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ شَهَادَةٌ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الشَّهَادَةَ وَالْيَمِينَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِحَقِيقَةِ لَفْظِهَا فَأَمَّا تَأْوِيلُ مَنْ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ أَوْ آخَرَانِ من غيركم مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِكُمْ فَلَا مَعْنَى لَهُ وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ لِأَنَّ الْخِطَابَ تَوَجَّهَ إلَيْهِمْ بِلَفْظِ الْإِيمَانِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ لِلْقَبِيلَةِ فِي قَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بينكم ثم قال أو آخران من غيركم يَعْنِي مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ يَجْرِ لِلْقَبِيلَةِ ذِكْرٌ حَتَّى تَرْجِعَ إلَيْهِ الْكِنَايَةُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الكناية إنما ترجع إما إلى الظهر مَذْكُورٍ فِي الْخِطَابِ أَوْ مَعْلُومٍ بِدَلَالَةِ الْحَالِ فما لَمْ تَكُنْ هُنَا دَلَالَةٌ عَلَى الْحَالِ تَرْجِعُ الْكِنَايَةُ إلَيْهَا يَثْبُتُ أَنَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْخِطَابِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَصَحَّ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ فَاقْتَضَتْ الْآيَةُ جواز شهادة أهل الذمة على وصية المسلم فِي السَّفَرِ وَقَدْ رُوِيَ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى وَشُرَيْحٍ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ وُجُوهٌ مُخْتَلِفَةٌ وَأَشْبَهَهَا بِمَعْنَى الْآيَةِ مَا

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ رِجْلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَعَدِيٍّ بْنِ بَدَاءٍ فَمَاتَ السَّهْمِيُّ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُوا جَامٌ فِضَّةٌ مُخَوَّصًا بِالذَّهَبِ فَأَحْلَفَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ وُجِدَ الْجَامُ بِمَكَّةَ فَقَالُوا اشْتَرَيْنَاهُ مِنْ تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ فَقَامَ رَجُلَانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ السَّهْمِيِّ فَحَلَفَا لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَأَنَّ الْجَامَ لَصَاحِبِهِمْ قَالَ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بينكم

فَأَحْلَفَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدِيًّا لِأَنَّ الْوَرَثَةَ اتَّهَمُوهُمَا بِأَخْذِهِ ثُمَّ لَمَّا ادَّعَيَا أَنَّهُمَا اشْتَرَيَا الْجَامَ مِنْ الْمَيِّتِ اسْتَحْلَفَ الْوَرَثَةَ وَجَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَهُمْ فِي أَنَّهُ لَمْ يَبِعْ وَأَخَذُوا الْجَامَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَ أَبُو مُوسَى فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الذِّمِّيِّينَ عَلَى وَصِيَّةِ الْمُسْلِمِ فِي السَّفَرِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُنْذُ عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْآنَ هُوَ هَذِهِ الْقِصَّةُ الَّتِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>